أطلق مشروع التدريب على جودة الفحص المخبري لمكافحة مقاومة المضادات الحيوية
وشدد على منع إعطاء المضادات في القطاعين الصحي والحيواني إلا بإشراف الأطباء
جبق: "توحيد أسلوب الفحوصات المخبرية أولوية وعدم التزام المستشفيات سيرتب تبعات"
أطلق وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق مشروع التدريب على جودة الفحص الميكروبيولوجي ضمن برنامج مكافحة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية وذلك في حفل في الجامعة اليسوعية حضره ممثل وزير الزراعة الدكتور محمد فران ورئيس الجامعة اليسوعية الأب البروفسور سليم دكاش وممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ورئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الدكتور زاهي الحلو وأعضاء اللجنة الوطنية لترشيد استخدام المضادات الحيوية وعدد من المعنيين ورجال الإختصاص.
ويهدف المشروع الذي سينفذ بدعم من منظمة الصحة العالمية وبالتعاون بين وزارة الصحة العامة وجامعة القديس يوسف واختصاصيين من الجامعة الأميركية في بيروت إلى تدريب المختبرات على جودة الفحوص المتعلقة بالميكروبات والجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية بما يسمح ببلورة رؤيا على أسس علمية لمواجهة التحديات بفعالية.
وفي الكلمة التي ألقاها، أكد الوزير جبق أنه بالتعاون تبنى الأوطان وتبنى صحة الإنسان وتصان. ولأن اليد لا تستطيع التصفيق وحدها، نحن هنا لرفع الصوت وإطلاق صرخة الوعي الطبي والصحي لتطوير نظم ووسائل مكافحة الأمراض واهمها الأمراض الجرثومية، والتي تعتبر من الأمراض الأكثر خطرًا وفتكًا، ولكنها في الوقت نفسه من الأكثر استجابة للمضادات الحيوية إذا ما تم التشخيص الدقيق والوصفة العلاجية الصحيحة في بيئة من التطور العلمي. وتابع وزير الصحة العامة أن الأمراض الإنتقالية كانت ولا تزال من الأمراض الأكثر خطورة. ومن أخطر التحديات مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية. ولا يقتصر الخطر على لبنان فقط بل إنه يشمل العالم أجمع، فثمة الكثير من المضادات الحيوية التي شكلت ثورة للعلاج من أمراض معينة لم تعد كذلك، وقد فقدت فعاليتها. وتكمن المشكلة في الواقع في الطبيب الذي يصف المضادات الحيوية في المكان والوقت غير المناسبين.
ولفت الوزير جبق إلى أنه بحسب منظمة الصحة العالمية تنمو هذه الظاهرة بشكل مخيف مستنفدة خيارات العلاج بسرعة عالية، إذ يبلغ عدد ضحايا مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ما يقارب نصف مليون شخص في العالم سنويًا مع توقع ارتفاع هذه الظاهرة إلى الملايين عام 2050 في حال استمرارها.
وقال جبق: "إن لم تتخذ الإجراءات المناسبة، فإن العالم أجمع مقدم على عصر ما بعد المضادات الحيوية الذي يمكن أن تصبح فيه عدوى الإلتهابات الشائعة والإصابات البكتيرية الطفيفة قاتلة مرة أخرى"
وأكد وزير الصحة العامة على التالي:
إن توحيد أسلوب الفحوصات المخبرية في مختبرات الأحياء المجهرية على الصعيد الوطني يعتبر من الأولويات التي يجب التركيز عليها في برنامج ترشيد استعمال المضادات الحيوية.
تسريع خطوات انضمام المستشفيات لبرنامج فحص الجودة في مختبرات الأحياء المجهرية، لتصبح جميعها ملزمة بالتطبيق، وإن عدم الإلتزام سيكون له تبعات على نوعية الخدمات الطبية والجراحية التي تقدمها.
وشدد جبق على ضرورة تضافر جهود وزارتي الصحة والزراعة الذي يعتبر من ركائز هذا البرنامج على الصعيدين الصحي والحيواني. وقال إنه لا بد من التأكيد على النقاط التالية:
ضمان وضع خطة عمل وطنية عملانية وفعالة موضع التنفيذ حول توحيد طرق الجودة.
ترصد عدوى الإلتهابات الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية خصوصا داخل المستشفيات.
تعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بمكافحة العدوى.
وضع سياسة متشددة لجهة منع إعطاء المضادات الحيوية في القطاعين الصحي والحيواني إلا بإشراف الأطباء وعدم استعمال هذه الأدوية لتعزيز النمو أو الوقاية من الأمراض.
توفير المعلومات عن مقاومة المضادات الحيوية في القطاعين الصحي والحيواني.
إطلاق حملات توعية مستمرة تروج لاتباع الممارسات الجيدة.
عدم رضوخ الأطباء لرغبة المواطنين في مسألة وصف المضادات الحيوية.
إمتناع الصيادلة والأطباء البيطريين عن صرف المضادات الحيوية دون وصفة طبية وصرفها فقط عند الحاجة وفقا لما تنص عليه المبادئ التوجيهية العلمية المناسبة لكل عدوى.
الدكتور فرّان
وجاء في كلمة ممثل وزير الزراعة مستشاره الدكتور محمد فرّان أن وزارة الزراعة قامت بإجراء مسح وأخذ عينات عشوائية من المسالخ والأسواق لفحص نسبة ترسبات المضادات الحيوية في اللحوم والبيض والحليب، بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية CNRS وجاءت النسب لتؤكد عدم التزام عدد كبير من المربين بالاستعمال الرشيد للمضادات الحيوية. أضاف الدكتور فران أن وزارة الزراعة تعمل حاليا بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة والمربين وشركات أدوية بيطرية ومع المختبرات المعنية لإطلاق خطة متكاملة لمراقبة استعمال المضادات الحيوية في تربية الحيوان والحد من سوء استعمالها، تتضمن جدول أعمال للمراقبة وأخذ عينات وفحصها وإجراء دراسات تحليل المخاصر وإصدار قرارات لتنظيم عملية استعمال المضادات الحيوية في علف الحيوانات، ولمنع صناعة أو بيع أو استيراد أي نوع من العلف يؤثر سلبًا على صحة الحيوان وبالتالي صحة الإنسان، ولتحديد شروط دقيقة للأدوية المستعملة في الحيوانات ليكون استعمالها آمنًا، ولا تترك اثرًا سلبيًا على المنتج المعدّ للإستهلاك البشري. وقال فرّان إن القرارات ستتضمن ايضا وضع مواصفات قياسية وإجراءات خاصة بالسلامة الصحية مؤكدا أن وزارة الزراعة تمد يدها للعمل بصدق وشفافية مع جميع المعنيين بهذا الموضوع للوصول إلى مجتمع خال من الأمراض والهموم.
وقائع الحفل
الحفل كان قد بدأ بالنشيد الوطني اللبناني ثم قدمت رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة الدكتورة عاتكة بري عرضًا تقنيًا لأعمال اللجنة الوطنية لترشيد استخدام المضادات الحيوية والتي بدأت أعمالها في العام 2014، وأوضحت أن المشروع يهدف إلى توحيد طرق الفحوص المخبرية على أن يشمل المستشفيات تباعًا.
ثم تحدث طبيب الأطفال جورج سالم الذي كان من أوائل الأطباء الذين دعوا إلى ترشيد استخدام المضادات الحيوية. واوضح أن الميكروب المقاوم للمضادات الحيوية يتنقل بين دول العالم لذا يشكل هذا الأمر هاجسًا عالميًا. وشدد على ضرورة توعية المجتمع إلى مخاطر سوء استخدام المضادات كما جعل هذا الأمر مادة في الجامعات الطبية.
بدورها لفتت نائب رئيس الجامعة اليسوعية للأبحاث البروفسور دولا سركيس إلى أن مقاومة المضادات الحيوية تشكل خطرًا كبيرًا على الإنسان، مضيفة أنه لم يعد هناك من مضادات حيوية جديدة منذ حوالى خمس عشرة سنة. وقالت إن تحسين أداء المختبرات وجودة الفحوص المخبرية يهدف إلى التقليل من مخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية، وأوضحت سركيس أن المشروع الذي يتم إطلاقه سيشمل 135 مختبرًا على أن تكون الأولوية للمختبرات الحكومية ومختبرات المستشفيات، لتأتي المختبرات الخاصة في مرحلة لاحقة.
أما الشنقيطي فقالت إن ارتفاع مستوى مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية بات اليوم يشكل خطرًا محدقا على صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم، وتحتاج مواجهة هذه الظاهرة إلى تضافر جهود جميع الفرقاء على كل المستويات. ولفتت إلى أن مشروع التدريب على جودة الإختبارات المخبرية المتعلقة بالميكروبات والجراثيم المضادة للمضادات الحيوية يندرج ضمن إطار الخطة الوطنية المعتمدة والتي تدعمها منظمة الصحة العالمية منذ العام 2013، وهو خطوة أساسية في اتجاه تحقيق ضمان جودة المعلومات المخبرية. فهذه المعلومات ستسمح لنا ببلورة الواقع على أسس علمية دقيقة تمكن من وضع استراتيجيات وسياسات إجرائية لمواجهة التحديات بطرق ووسائل فعالة. ورأت الشنقيطي أن نجاح هذا المشروع يعتمد على التزام وتعاون جميع الشركاء من مؤسسات عامة وخاصة إداريا وتقنيا وعلى وجه الخصوص مختبرات المستشفيات المشاركة آملة تعميم هذا التدريب على كافة المختبرات العاملة في لبنان.
وفي كلمته وصف الأب البروفسور دكاش المشروع بأنه حيوي للصحة العامة منوها بالتعاون القائم بين الجامعة اليسوعية والقطاعات الحكومية لتحقيق رسالة الجامعة الإنسانية والأكاديمية والوطنية. وقال إن ما نحتاج إليه في لبنان هو العمل بروح الشراكة والكفاءة وبحكمة الإدارة والشفافية.