نظمت وزارة الصحة العامة و"المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم"، ورشة عمل عن "الفحوصات الجينية وصحة الإنسان في لبنان والقوانين المتعلقة فيها"، ضمن أعمال برنامجها بناء مجتمع حكم القانون - لتعزيز قواعد الحوكمة الرشيدة والقانون وضمن برنامج بناء الشراكات للتقدم والتنمية والإستثمار المحلي - بناء القدرات (بلدي كاب) الممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، برعاية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني وحضوره، وحضور النواب ياسين جابر وعاصم عراجي وناجي غاريوس وطوني أبو خاطر، المدير العام لوزارة الصحة وليد عمار ومتخصصين.
جابر بداية تحدث رئيس اللجنة البرلمانية لمتابعة القوانين النائب ياسين جابر ونوه بالجهود المبذولة لإنجاح نشاطات البرنامج، وذلك لتحقيق الاهداف الاساسية منه وخصوصا من ناحية مساعدة الوزارات المعنية في صياغة مراسيم تطبيقية لقوانين سبق ان أقرت في مجلس النواب.
ونوه بتجاوب وزارة الصحة مع المشروع، لافتا "إلى أن العديد من القوانين التي يصدرها مجلس النواب اللبناني لا تطبق، فيما في المجالس النيابية في العالم لجان متخصصة تدقق في تطبيق القوانين"، وأشار "إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري شكل لجنة نيابية برئاسة جابر مهمتها متابعة موضوع تطبيق القوانين وحسن تطبيقها والتعديلات الواجب إدخالها عليها".
وشكر لوزير الصحة تجاوبه مع عمل اللجنة منوها بمؤتمره الصحافي الذي لفت فيه "إلى المخاطر الصحية لحرق النفايات"، داعيا إياه "إلى المطالبة بوضع سياسة صحية واضحة تحمي المياه الجوفية التي يتآكلها التلوث من خلال تشغيل محطات التكرير الموجودة".
عمار ثم تحدث عمار وأشار "إلى أن ورشة العمل تناقش المرسوم والقرارات التطبيقية لقانون له بعد تقني متطور وبعد أخلاقي معقد، وهو قانون الفحوصات الجينية البشرية. وكان لا بد من الإستعانة باختصاصيين للمساعدة على صياغة هذه النصوص التطبيقية، شاكرا للمؤسسة اللبنانية للسلم الدائم والUSAID وجابر، مشاركتهم في ورشة العمل".
وقال:"إن المحسوبيات تعتبر إحدى الأسباب التي تقف أمام تطبيق بعض القوانين وإصدار المراسيم التطبيقية لها، كما الحال مع قانون تنظيم ومعالجة وتكرير وتعبئة وبيع مياه الشرب المعبأة على سبيل المثال"، مشددا "على أنه من المفترض بحكم القانون والحكم الصالح أن يكافح جميع أنواع الفساد وليس فقط السرقة والصفقات والرشوة إنما أيضا الفساد السائد المرتبط بالمحسوبيات والزبائنية السياسية، لأن حكم القانون يعني تنظيم العلاقة بين المواطنين والدولة وعلاقة المواطنين في ما بينهم، بما يخدم الصالح العام. وبما أن الصالح العام يعني عدم إعطاء مكتسبات أو أفضلية لفئة على حساب الفئات الأخرى فهو خصوصا يمنع المحسوبيات والزبائنية".
مسرة بدوره تحدث مدير المؤسسة مسرة واشار "إلى أن برنامج المؤسسة وبلدي كاب بالتعاون مع مجلس النواب ووزارتي الصحة والاقتصاد والتجارة، يشكل مسارا من نوع آخر تصويبا في البحوث والممارسة والإصلاح في لبنان".
وقال:"القانون اليوم، كأساس للممارسة الديمقراطية، أصبح ضحية تطوره إذ قد تستغل رمزيته للايهام بالتغيير، أو ينحرف عن هدفيته المعيارية فيتحول إلى أداة على قياس أشخاص ومصالح، أو يفسر ويطبق بعيدا عن روح الشرائح، أو بسبب التطور وضرورات التنظيم يحصل تضخم تشريعي على حساب النوعية التشريعية في الوضوح والمفهومية والبلوغية".
واشار الى ان "كل تدخل للانسان في أي شيء أو قضية قد يحمل بذور فساد، والسياسات العامة الأفضل تخطيطا وتصميما وإرادة من السلطة المركزية قد تنحرف عن هدفيتها في التطبيق حين تستولي زعامات على تقديمات هذه السياسات لصالح توسيع شبكة الزبائن".
أضاف:"ان القضية الكبرى ليست في الاقتصار على التشريع وليس في بناء سياسات عامة مركزية من دون متابعة بلوغيتها إلى المستفيدين، ولا فائدة قانونية في بحوث قانونية مجردة عن هدفية القانون ضمانا لحقوق وحريات، فالحاجة ماسة إلى تصويب مفهوم الحوكمة ودولة الحق وتصويب الدراسات الجامعية وغيرها حول الحوكمة لأن الحوكمة ملتصقة بالواقع التطبيقي وواقع الواقع".
ولفت "الى أن أكاديميين وإيديولوجيين وباحثين درجوا على الهرب من واقع الواقع في رمي أسباب الفساد على بنية لبنان الدستورية والطائفية، ولكن ما علاقة الطائفية بالقياس وسلامة الغذاء والفحوصات الجينية ووصول التيار الكهربائي إلى كل منزل ومعالجة مشكلة النفايات وتطبيق قانون منع التدخين وتطبيق قانون السير؟"
وختم مشددا "على أن القوانين بحاجة إلى أسباب موجبة، توضح ما هو الموجب ودراسة جدوى فعاليتها ومتابعة من لجنة برلمانية والمجتمع والمواطنين حول تطبيقها".
حاصباني أما حاصباني فشدد في كلمته "على أهمية تعزيز أسس الحكم"، وقال:"إن الكثيرين في لبنان يستخدمون كلمة تعزيز قواعد الحوكمة الرشيدة والقانون، فيما من الأفضل استخدام هذه كلمة الحوكمة كمصطلح إداري للشركات والمؤسسات لتدير شؤونها بطريقة شفافة ومنتظمة، بينما أسس الحكم تنطبق على تطبيق القوانين وتنظيم الدولة"، مشيرا الى "ان البلد من دون حكم لا يمكن أن يستمر، والحكم هو حكم القانون على أن يكون القانون نصا متفقا عليه من قبل مشرعين يمثلون الشعب".
ورأى "أن الطريقة التي يحصل فيها التشريع في لبنان، تنطلق من عمل اللجان التي تبحث في النصوص وتناقشها، إنما في غالبية الأحيان تخرج اللجان عن اختصاصاتها لتناقش أمورا في نص القانون تكون خارجة عن اختصاصاتها"، وقال:"من حق كل نائب أن يعطي رأيه، إنما على كل لجنة أن تركز على الجزء المتعلق بنص القانون المرتبط باختصاصها".
ونوه بالمجهود الذي تضعه اللجان النيابية في التشريع لافتا، في الوقت نفسه، "إلى أهمية أن يكون هذا المجهود منتجا فلا يتم إدخال الكثير من التعديلات على نصوص القوانين، لأن هذه التعديلات قد تجعل القوانين صعبة التطبيق".
وتوقف أمام مشروع الفحوصات الجينية وصحة الإنسان في لبنان الذي يخضع للنقاش في ورشة العمل، وقال:"إن فيه مجالا للتفكير الواسع والعام، وله علاقة بالأخلاقيات العامة والمبادىء، ويمس المعتقدات وغيرها ليس فقط من الناحية العلمية، وقد يكون من النصوص العلمية التي يكون الوصول إلى نتيجة نهائية فيها أمرا صعبا".
وتمنى للحاضرين التوفيق في وضع النص الملائم وتمريره في اللجان بطريقة فعالة ومنتجة، "لأن هكذا نوعا من النصوص يطور نهج العمل الصحي والفكر اللبناني بطريقة إيجابية ومتقدمة"، مشددا "على أن القانون بنصوصه وتطبيقه يلعب دورا أساسيا في تغيير الثقافة العامة وتطويرها".
جلسات العمل وأدار الجلسة الأولى مقرر لجنة الصحة في مجلس النواب النائب عاصم عراجي وناقش فيها اندريه مغربانة حول الفحوصات الجينية والمبادىء الأخلاقية، ثم تحدث ميشال ضاهر من جامعة البلمند عن دور اللجنة الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا، فيما تناولت رشا حمرا من وزارة الصحة عن دور الوزارة في تنظيم البحوث الوراثية.
وفي الجلسة الثانية التي أدارها عضو لجنة الصحة النيابية النائب ناجي غاريوس، تحدث انطوان رومانوس من وزارة الصحة العامة عن مراقبة الفحوص الجينية في لبنان، في حين ناقشت رينا العماد من مستشفى عين وزين آثار الفحوصات الجينية على الإدارة الصحية.
وكانت كلمات لمدير برنامج بلدي كاب فارس الزين بالإضافة إلى كلمة لبيار زلوعة من الجامعة اللبنانية الأميركية حول التطورات الحديثة في الفحوصات الجينية الطبية، وختمت الورشة بتلاوة الخلاصة ورفع التوصيات إلى الجهات المعنية، لينتقل بعدها المدعوون إلى حفل غداء أقيم على شرفهم.