في إطار الاستجابة لمواجهة تداعيات الأزمة السورية في لبنان، اختتم الاتحاد الأوروبي ووزارة الصحة العامة المرحلة الأولى من تعاونهما في إطار برنامج "دعم النظام الصحي في لبنان" الذي نفذ في عامي 2014-2015، وأطلقا المرحلة الثانية منه عبر مشروع جديد يعرف بـ"مبادرة الجوار" للعامين 2016-2017، وذلك في مؤتمر صحافي عقده وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن وعرضا فيه إنجازات المرحلة الأولى من أنشطة البرنامج المذكور، بحضور ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان بالإنابة الدكتورة غبريال ريدنر، وممثلة المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين ميراي جيرار، ونائب ممثل منظمة الأمم المتحدة للأطفال اليونيسيف في لبنان لوتشيانو كاليستيني، وكيارا بوتتي عن منظمة إنترناشيونال ألرت، ومسؤولة البرامج في منظمة الصحة العالمية الدكتورة إليسار راضي، ومدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمار، ورئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة رندة حمادة، ومدير مركز قاره غوزيان الصحي في برج حمود سيروب أوهانيان.
أبو فاعور
وقد استهل الوزير أبو فاعور المؤتمر الصحافي بالإشارة إلى أن المؤتمرات الصحافية تعقد عادة في بلادنا للإعلان عن مشاريع يتم تنفيذ بعضها، فيما لا ينفذ بعضها الآخر. أما اليوم، فنعقد هذا اللقاء للإعلان عن مشروع تم تنفيذه بشكل كفؤ ومفيد ويعود بالنفع الكبير على المواطن اللبناني كما على النازح السوري. وهي فرصة لشكر الإتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية على الجهد المشترك الذي حصل بينها وبين وزارة الصحة ما أدى إلى نتيجة نستطيع القول في ضوئها إن المجتمع الدولي، وإن لم يكن يرو ظمأ المجتمع المحلي اللبناني، بدأ يبلل شفاه اللبنانيين ببعض المساعدات وذلك بعدما فاضت الأزمة السورية عن الحدود اللبنانية، وبدأ العالم يتحسس هذه الأزمة وضرورة معالجتها، رغم أن الحل يجب أن يكون سياسيًا وربما من نوع آخر، إنما ليس الحل إغاثيًا فقط لأزمة سياسية وعسكرية لها تداعيات إنسانية وإغاثية.
أضاف أن ما يعلن اليوم هو مشروع تم تنفيذه بين وزارة الصحة العامة والاتحاد الأوروبي خلال العامين 2014-2015 يدعى مشروع أداة لتحقيق الإستقرار؛ وقد تمثل بمساهمة تقدر بعشرين مليون يورو صرفها الإتحاد الأوروبي عبر المنظمات الدولية وليس عبر وزارة الصحة للحد من ظروف الخلاف والتوتر الحاصل بين المواطنين اللبنانيين والنازحين السوريين عبر تحسين خدمات الرعاية الصحية للسكان الأكثر عرضة للأذى في لبنان.
ولفت أبو فاعور إلى أن هذه المبادرة أسفرت عن تعزيز الرعاية الصحية الأولية بالتعاون الوثيق مع البلديات والمجتمع الأهلي، حيث تم تقديم خدمات الرعاية الصحية ذات الجودة، ومن أبرزها الرعاية الصحية للأم والطفل وذلك عبر المستلزمات الطبية والمعدات لمئة وثمانين مركز رعاية صحية، تقديم معدات طبية إلى أحد عشر مستشفى حكوميًا، لتعزيز أقسام التوليد في حالات الطوارئ ووحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، تأمين أدوية الأمراض المزمنة إلى 435 مركز رعاية صحية أولية تخدم 150000 شخص يعانون من الأمراض غير الإنتقالية، تأمين أدوية الأمراض الحادة لـ214 مركز رعاية صحية أولية تؤمن 800000 إستشارة طبية، إعطاء 3732600 جرعة لقاح لتحصين نحو 600000 طفل لبناني وغير لبناني، شراء المستلزمات والموارد الطارئة، توسيع نطاق البرنامج وتحديدا مبادرة "العناية بالمرأة الحامل ومولودها" إلى ثلاث مناطق جديدة هي طرابلس وراشيا وبيروت، إنشاء ثماني غرف للضغط السلبي في أربع مستشفيات حكومية وإعادة تأهيل غرفتين من غرف العزل في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، تجهيز 190 مركز صحي ببرادات تعمل على الطاقة الشمسية، تزويد 8 مختبرات بالكواشف والمحاليل المخبرية والمعدات اللازمة، طباعة وتوزيع 500000 ملف صحي، و200000 بطاقة تلقيح، و100000 بطاقة حمل و100000 ملف لطالب صحي.
كذلك زيادة قدرة وزارة الصحة العامة على رصد الأمراض الإنتقالية ومعالجتها في السرعة اللازمة للحد من خطر انتشارها عبر تدريب وتأهيل العنصر البشري، وإنشاء مختبرات للمياه في كافة المحافظات، وتدريب 4000 من موظفي وزارة الصحة والبلديات، وتحديث المبادئ التوجيهية الوطنية للترصد والاستجابة لعدد من الأمراض والمخاطر، وتنفيذ الدراسات العلمية الصحية، وتوظيف 90 عاملا صحيا وخبراء معلوماتية لدعم فريق وزارة الصحة العامة، بما في ذلك 40 قابلة وممرضا وممرضة في كافة المناطق اللبنانية.
وتوجه أبو فاعور بالشكر للإتحاد الأوروبي على هذا الجهد الذي لولاه لما كانت أوضاعنا الصحية بالمستوى نفسه الذي نحن فيه اليوم، إذ إن لبنان عرضة لمخاطر متعددة وعرضة للتداخل بين شعبين، ولانهيار النظام الصحي في سوريا وللكثير من الأمراض الإنتقالية التي كانت الدولة قد حققت مستويات قياسية في تلافيها. ولذا تبدو هذه المساهمات ثمينة جدا.
وتمنى استمرار التعاون، مضيفا أنه لا تزال هناك الكثير من الحاجات التي لم تتم تلبيتها حتى الآن. وأشار إلى أن وزارة الصحة تقوم بعمليات غسل كلى لعدد كبير من النازحين السوريين من دون تقاضي أي مبالغ مالية، كما تضطر لتأمين أدوية، وللقيام بعمليات، من دون أن يحظى هذا الأمر على أي دعم خارجي.
وتابع أبو فاعور أن نظامنا الصحي اللبناني بات يرزح تحت أعباء شديدة، نتيجة ازدياد العدد إضافة إلى التكاليف المادية التي لم يعد بمقدور وزارة الصحة التعامل معها من دون أن تكون هناك مساعدة؛ وأمل أن يكون هذا المشروع مقدمة لمشاريع أخرى تلتفت إلى الحاجات في لبنان، ولا سيما حاجات وزارة الصحة لأن الأمر فاض عن قدرة استيعاب لبنان والدول المحيطة مثل تركيا والأردن ما يشكل تهديدًا كبيرًا للكثير من الدول التي كانت تظن أنها بمنأى عن خطر النزوح وتداعياته.
وتطرق الوزير أبو فاعور إلى الشق السياسي من الموضوع، مشيرًا إلى أنه لا يريد استغلال هذه المناسبة، ومضيفا أنه لا داعي لإثارة وافتعال هواجس غير محقة في ملف النازحين الموجودين في لبنان. وإذ لفت إلى أن الأمم المتحدة استخدمت تعبير العودة الطوعية، وهذه العودة تحترم القوانين اللبنانية، أضاف أنه كان من المفضل أن يتم استخدام تعبير العودة الآمنة، أي أنه عندما تكون هناك إمكانية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم من دون أن يتم تعريض حياتهم للخطر، تصبح العودة واجبًا. وأكد أن أحدا لا يستطيع أن يفرض على لبنان أمرًا لا يريده، والتوطين أمر مرفوض بالكامل. وهناك الكثير من المشاكل التي نتصارع عليها، وعلينا عدم إقحام قضية جديدة مفتعلة في صراعنا الداخلي لا أساس قانونيًا وعمليًا لها.
لاسن
ثم لفتت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن إلى أن "دعمنا ظاهر في جميع أنحاء لبنان. ومن الممكن أن يكون المستفيدون من دعم الإتحاد الأوروبي قد زاروا واحدًا من مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات للإستفادة من المعدات الجديدة والأدوية واللقاحات المجانية للأطفال". وشددت لاسن على أن دعم الاتحاد الأوروبي يشكل استجابة ضرورية وطارئة للمهمة الضخمة الملقاة على عاتق لبنان باستقباله أكبر عدد من اللاجئين للفرد في العالم. وقالت: "لذلك اتخذ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء خطوات سريعة ونحن اليوم أكبر جهة مانحة في ما يتعلق بمساعدة لبنان في مواجهة تداعيات الحرب السورية، وفي القطاع الصحي كذلك".
وشددت لاسن على أن لا أحد في المجتمع الدولي أو الإتحاد الأوروبي يطرح فكرة توطين اللاجئين في لبنان. فالسوريون سيعودون إلى بلدهم عندما يكون الأمر ممكنًا. وقالت: "عندما أتحدث إلى اللاجئين يقولون إنهم يرغبون في العودة إلى سوريا. لذا علينا جميعا تقديم المساعدة في فترة نزوحهم هنا، ريثما يتمكنون من العودة إلى بلادهم"
وختمت لاسن مجددة إلتزام الاتحاد الأوروبي بمتابعة العمل بشراكة وثيقة من وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة لتلبية احتياجات النظام الصحي ومتطلبات السكان.
أوهانيان
بدوره، تحدث مدير مركز قاره غوزيان الصحي في برج حمود سيروب أوهانيان، فأشار إلى أن المراكز الصحية التي كانت تستقبل 800 حالة شهريًا، أصبحت تعنى بـ4000 حالة شهريًا، ما يعكس زيادة الضغط والطلب على الرعاية الصحية. وتوجه أوهانيان بالشكر إلى كل منظمات المجتمع المدني والعاملين الصحيين الذين يستجيبون للحاجات الصحية. ولفت إلى أن العمل تركز على توفير كل الخدمات الصحية، والعملية مستمرة، إلا أن هناك المزيد من التحديات الواجب تلبيتها.
وثائقي
ختامًا، عرض وثائقي أظهر ما تم إنجازه من ضمن مشروع دعم النظام الصحي وتحسين النظام الصحي العام للجميع في لبنان، ما يؤكد أن القوة تكمن من خلال الشراكة. وذكر بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي أن المنظمات الشريكة عملت معًا تحت إشراف وزارة الصحة العامة خلال العامين الماضيين للمساهمة في تحسين تقديم الخدمات والوصول إلى الرعاية الصحية. وكان الهدف الرئيسي للشراكة تمكين الوزارة من مواجهة التحديات المتزايدة لتقديم الخدمات للسكان في لبنان، من خلال توفير دعم مؤسسي استراتيجي لنظام الرعاية الصحية الأولية اللبناني.
وتتضمن الإنجازات الرئيسية للبرنامج توفير اللقاحات في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتوفير أدوية أساسية للأمراض الحادة والمزمنة، وتوفير معدات طبية لـ11مستشفى حكوميا و200 مركز رعاية، وإنشاء 8 مختبرات لفحص المياه، وتدريب عاملين صحيين.