وقفة حاشدة في وزارة الصحة العامة تضامنا مع القطاع الطبي في الجنوب
كلمات حضت المجتمع الدولي على الضغط لوقف انتهاك الأعراف والمواثيق الدولية
نظمت وزارة الصحة العامة ونقابة أصحاب المستشفيات وقفة تضامنية حاشدة مع المستشفيات والطواقم الطبية والصحية في الجنوب شجبا للإعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها منذ أكتوبر الماضي وآخرها الإعتداء على مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل وسيارة الإسعاف في الناقورة، وذلك في حضور ممثل وزير الصحة العامة الدكتور جوزف الحلو ورئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله والنواب الدكتور ميشال موسى والدكتور علي المقداد وأمين شري ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ورئيس الإتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر ومدير عام مؤسسة الإستشفاء والعناية النفسية الدكتور حسن عمار وممثلين عن نقابتي الصيادلة والممرضات والممرضين وعدد كبير من مديري المستشفيات الحكومية والأطباء والكوادر التمريضية ومسعفين وجمعيات إسعافية.
سليمان
بعد الترحيب، إستهلت الوقفة بكلمة مدير عام مستشفى صلاح غندور الدكتور محمد سليمان الذي أعلن "أن المستشفى وبحكم موقعه الجغرافي على خط المواجهة الأول مع العدو الصهيوني، تعرض للإعتداءات الإسرائيلية المتكررة ولا سيما في حرب تموز 2006 حين صمد المستشفى حتى آخر يوم من العدوان رغم القصف الذي تعرض له".
أضاف:"أن المستشفى ومنذ اليوم الأول لبدء العدوان على لبنان في الثامن من تشرين الأول الماضي، إستنفر بكل طواقمه لمواجهة تبعات العدوان، واستقدم إلى جانب طاقمه الطبي الكفوء عددا من الأطباء من ذوي الإختصاصات التي يحتاج لها المستشفى في مثل هذه الحالات حيث شكل الجميع فريقا واحدا كل في مجال اختصاصه".
وتابع الدكتور سليمان:" أن مستشفى صلاح غندور إستقبل مئات الشهداء والجرحى من الحالات الخفيفة إلى المتوسطة والحرجة من دون إيقاف الخدمات الأساسية للأهالي الصامدين فكان الرد من العدو الصهيوني الذي لا تردعه المواثيق ولا الأعراف الدولية والإنسانية، أن يقوم يوم الإثنين الماضي وعن سابق تصميم بتنفيذ غارة همجية أمام المدخل الرئيسي في حرم المستشفى في وقت الذروة من النهار حيث كان المستشفى مليئا بالمرضى والزوار والمراجعين ما أدى إلى استشهاد مدني كان برفقة ابنه لتلقي الخدمة الطبية إلى جانب شهيد من طاقم أمن المستشفى أثناء قيامه بواجبه الإنساني في حماية المستشفى وروادها، والعديد من الجرحى المدنيين وموظفي المستشفى من بينهم مسؤول قسم الأمن الذي لا يزال يتلقى العناية الطبية من المستشفى بسبب إصابته البليغة، وذلك بالإضافة إلى تعرض مجموعة من الممرضين لحالات اختناق ومشاكل في السمع وحصول أضرار مادية في واجهة المستشفى".
وأردف سليمان:"إن هذا الإعتداء الغاشم هو انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية التي تمنع التعرض للمنشآت الصحية، نذكر منها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 القرار الذي يحمل الرقم 2675 الذي ينص على أن منطقة المستشفى لا ينبغي أن تكون هدفا للعمليات العسكرية ولذلك لا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المقصودة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذين يعملون بصفة إنسانية، في حين يشكل استهداف المستشفيات بشكل متعمد جريمة حرب بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
وشكر الدكتور سليمان جميع "الذين تضامنوا مع المستشفى واستنكارهم الإعتداء الغاشم، ولا سيما وزارة الصحة العامة ونقابة المستشفيات وجميع الشخصيات والمستشفيات والجمعيات التي تضامنت عبر إصدار بيانات استنكار وتضامن أو رسائل مساندة وجميع الذين اتصلوا بإدارة المستشفى معربين عن استنكارهم وتضامنهم، كما شكر جميع المشاركين في الوقفة التضامنية".
وختم معاهدا الجميع ولا سيما الأهالي في الجنوب بأن يبقى المستشفى إلى جانبهم وفي خدمتهم مهما بلغت التضحيات.
هارون
بدوره، لفت النقيب سليمان هارون إلى "أن المستشفيات من أهم مرتكزات المقاومة ولهذا شهدنا في غزة أن العدو الإسرائيلي استهدف منذ البداية المستشفيات مما يبرهن أنه في تفكيره يرى المستشفيات هدفا عسكريا يجب تدميره، فقام بذلك بطريقة وحشية لا مثيل لها ومن دون أن يرف له جفن". وقال:"بعد الذي حصل في غزة، كنا نتوقع أن يستهدف العدو المستشفيات في الجنوب، وأخشى ما أخشاه أن يكون الإعتداء على مستشفى صلاح غندور وسيارة الإسعاف التابعة للهيئة الصحية بداية لسلسلة مشابهة من الإعتداءات. فقد أثبتت التجربة أن لا حدود للعقل الإجرامي الصهيوني ولا رادع أخلاقيا لمن لا يفهم معنى الإنسانية. هكذا كان على مدى الأجيال وهكذا هو الآن".
وتوجه النقيب هارون بالتحية للعاملين في مستشفيات الجنوب من أطباء وممرضين وإداريين وتقنيين وعمال، لافتا إلى أنهم "يعرضون حياتهم للخطر ليقوموا بعملهم". وقال: "ألف تحية لهم وحماهم الله من أي مكروه".
ولفت إلى "أن وزارة الصحة العامة وضعت خطة طوارئ متكاملة في حال توسعت الحرب في الجنوب وشملت مناطق أخرى لتأمين استقبال الجرحى، ولكن هذه الخطة تفرغ من معناها إذا ضربت المستشفيات وقصفت لتصبح خارج الخدمة مثلما حدث في غزة. وقال: "إن الإستنكار وهو أمر طبيعي، ليس كافيا بل ندعو المسؤولين للقيام بالاتصالات الدولية اللازمة لتأمين حماية للمستشفيات سواء عن طريق اليونيفل أو أي وسيلة أخرى.. إذ لا يجوز ترك المستشفيات عرضة لغرائز العدو".
عبد الله
ثم تحدث رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله، فقال:" إن لبنان أثبت في خلال الأحداث الحالية أنه موحد في مواجهة العدو وما يظهره في اعتداءاته من إستشراس فالجنوب في قلب كل لبنان وكل شهيد يسقط هو شهيد كل لبنان".
أضاف: "لا أعتقد أن أي تمايز أو خلاف داخلي يمنع أحدا من أن يقوم بواجبه تجاه وطنه وجنوبه ومستشفياته ومرضاه. إن الأشهر الثمانية الماضية أكدت أننا بصمودنا ووحدتنا وعنفواننا، نستطيع مواجهة العدو. إن العمل على وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته هو أمر مطلوب وضروري ولكن وحدتنا وصمودنا تبقى الخيار الأساسي والأول في هذه المواجهة الضارية".
الحلو
ختاما كانت كلمة ممثل وزير الصحة العامة مدير العناية الطبية في الوزارة الدكتور جوزف الحلو الذي نقل للحضور تحيات الوزير الدكتور فراس الأبيض الموجود في زيارة رسمية في جنيف حيث جدد هناك استنكاره لما يتعرض له القطاع الطبي، كما نقل الحلو تحيات المدير العام الموجود خارج لبنان.
وجدد الحلو شجب الإعتداءات التي تتكرر على الأجهزة الطبية والتمريضية والإسعافية في جنوب لبنان، مؤكدا "أن الوزارة تدعم مستشفيات الجنوب وأجهزتها كافة منذ بداية العدوان الإسرائيلي". وقال: "إنني على تواصل يومي مع المستشفيات المقاومة ولا سيما مراكز غسيل الكلى التي لم توقف عملها بل بقي مرضى غسيل الكلى يترددون إلى مراكز علاجاتهم في جنوب لبنان، حيث بقيت الأطقم الطبية والتمريضية في أماكن عملها تقاوم وكل شهيد يسقط منها هو شهيد الوطن".
وأكد "أن القطاع الصحي في لبنان خط أحمر بالنسبة إلى كل اللبنانيين، وقال: "إن هذا القطاع الصحي، ورغم الوضع المادي الصعب والدقيق في لبنان، وقف في كل الأزمات وقفات بطولية، وفي هذه الأزمة نراه يقف وقفة بطولية إضافية تؤكد للعدو أنه مهما كرر محاولاته لإيقاعنا فإننا قادرون على أن نقف من جديد، لسنا معتادين على الركوع على الإطلاق".
وشدد الدكتور الحلو على "أن إمكانات وزارة الصحة العامة إلى جانب القطاع الصحي في كل لبنان ولا سيما في جنوبه"، متوجها بالشكر إلى المستشفيات في بيروت التي تستقبل الجرحى ومن يحتاج إلى الإستشفاء من النازحين. وقال:" لن نتخاذل عن دعم شعبنا في الجنوب فما يحصل جريمة ضد الإنسانية والأعراف والمواثيق والقوانين الدولية وعلى المجتمع الدولي تحمل المسؤولية وممارسة الضغط لوقف هذه الجرائم".