أطلق السجل الوطني الإلكتروني للسرطان واعتبر ان التلوث والأضرار البيئية عندنا بمستوى قنبلة كيميائية...
حاصباني: إذا أردتم أن تقارنوا بتركيا فقارنوا بكل شيء
أطلق نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني السجل الوطني الإلكتروني للسرطان في وزارة الصحة في حفل حضره مديرة برنامج مكافحة السرطان في وزارة الصحة العامة الدكتورة فاديا الياس، رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الدم ونقل الدم الدكتور أحمد ابراهيم، وعدد من المدراء ورؤساء الاقسام في الوزارة والمسؤولين في شركات أدوية الأمراض السرطانية وحشد من المهتمين.
وقد استهل الوزير حاصباني كلمته بالقول: "إن موضوع السرطان يحوز دائمًا على اهتمام واسع جدا من الناس إنما وللأسف لا يحوز دائمًا على الإهتمام نفسه من الإعلام من ناحية التوعية. فنحن لا نسمع في الإعلام إلا عن الكوارث والمشاكل إنما لا نعرف كيف تصاب الآلاف من الحالات وتتم معالجتها وكم من هذه الحالات تلقى الشفاء".
واكد حاصباني انه كلما تحسن الوعي عند الناس كلما زادت نسبة الكشف المبكر وكلما تحسنت سبل ووسائل التعامل مع المرض كلما تحسنت القدرة على رصد المعلومات ومتابعة المعطيات بدقة لتحديد كيفية التعامل مع هذا المرض بدقة أكبر.
أضاف وزير الصحة العامة: "اننا في حرب دائمة مع مرض السرطان القاتل لنحوله من مرض قاتل إلى مرض يمكن احتواؤه وعلاجه على غرار أي مرض آخر. إنما كانت تمنياتي لو أن تسليط الضوء على المعرفة والوعي يحتل حيزًا أكبر في وسائل الإعلام بحيث نعمل كمجتمع متكامل على المساهمة في شفاء الناس".
وقال: "كنت أتمنى لو يتم ربط الإصابة بالسرطان بمضار التدخين والتلوث والأضرار البيئية الكثيرة عندنا التي لم تعد قنبلة موقوتة بل باتت بمستوى قنبلة كيميائية إنفجرت في كل المناطق اللبنانية وترمي أضرارها على الجميع. كنت أتمنى تسليط الضوء على هذه المخاطر ونشر الوعي للتصدي لهذه المخاطر من دون الإضرار بشكل كبير بصحتنا.
تابع الوزير حاصباني: "إن العلاج لا يقتصر فقط على استخدام الأدوية بكميات كبيرة وبأنواع متقدمة ومتطورة بأسعار باهظة، إنما علينا الولوج إلى تفادي المرض وكشفه بشكل مبكر فنختصر بذلك العلاج وتكون العلاجات سريعة بدلا من أن تكون متشعبة ومعقدة. فكلفة العلاج التي تتزايد تدريجًا، يمكن أن تتقلّص إذا ما تم الكشف المبكر عن المرض وإذا كانت لديها معطيات عن الأمراض ومراحلها بطريقة أكثر وضوحًا.
لفت وزير الصحة العامة إلى أن إطلاق السجل الإلكتروني للسرطان يمكّن من رصد توجهات المرض عددًا ونوعًا وانتشارًا وما إذا كانت الإصابة به إلى تزايد. واضاف: "عندما تتوفر هذه المعطيات تستطيع وزارة الصحة العامة أن ترسم سياسات عامة أكثر فعالية، كما تستطيع المؤسسات الإستشفائية والدوائية وضع خطط على المدى البعيد فيعمل المعنيون جميعًا بطريقة أكثر دقة وفعالية للتغلب على المرض.
ورأى الوزير حاصباني أننا نواجه في عملنا لمكافحة السرطان عوامل صعبة؛ واردف: "عندما نجد حلولا في مكان، تبرز عوامل مضرّة في مكان آخر تقوّض الحلول المكتشفة على غرار التلوث الموجود في لبنان وعدم معالجة مياه الصرف الصحي التي تلوث المياه الجوفية أو مياه الري أو البحر إذ من المعلوم أن أقل من عشرين في المئة من المياه الآسنة تعالج في لبنان. كما أننا في بلد تقل فيه المعرفة بكيفية استخدام المبيدات الزراعية التي تستخدم بطريقة عشوائية ما يسبب أمراضًا سرطانية. كما أننا في بلد تنتشر فيه آفة التدخين دون الإلتزام الكامل بقانون منع التدخين فضلا عن الإنخفاض الكبير في سعر السجائر وسط ثقافة عامة لا تشجع على مواجهة هذه الآفة".
وفي هذا السياق، توقف وزير الصحة العامة أمام تناول بعض الإعلام في لبنان بشكل تفصيلي ومركز موضوع ارتفاع أسعار الأدوية في لبنان بالمقارنة مع أسعار الأدوية في تركيا. وقال: "إن الذين يتحدثون عن هذا الأمر ينسون الكثير من الأمور وفي مقدمها أسعار الخبز والحليب ومختلف المواد الأولية الأساسية للحياة والتي تفوق في لبنان بكثير ما هي عليه في تركيا. إن هؤلاء ينسون أن يذكروا أن في تركيا شبكات صرف صحي ورقابة على المبيدات الزراعية وكهرباء واتصالات وملابس بأسعار أرخص بكثير من لبنان فضلا عن تناسيهم أن الأدوية التي تُصنّع في تركيا لا تُصدّر من تركيا ولا تأتي إلى لبنان".
اضاف حاصباني: "كما أن هؤلاء ينسون مقارنة أسعار السجائر. ففي لبنان لدينا أرخص الأسعار رغم أن التدخين هو من أكبر مسببات السرطان والمسؤولون عندنا غير مستعدين لزيادة الضرائب على الدخان مبررين الأمر بأنهم لا يريدون تشجيع التهريب. واستهجن حاصباني عدم اللجوء في المقابل إلى ضبط الحدود ومنع التهريب، بدلا من أن يظهروا حرصًا على صحة الناس".
ولفت إلوزير الصحة الى أن من يتحدثون عن تركيا ينسون أن يكتبوا أن الكثيرين في لبنان يعملون لتحسين فعالية محاربة الأمراض من خلال دراسات وتطوير برامج وتسخير التكنولوجيا لتكون لدينا صورة أكثر نقاء وأفضل عن تطور المرض. وقال: كنت أتمنى لو تتركز هذه الحملات التي يصح وصفها بالتخريبية للرأي العام على إفادة المواطن وتوعيته ليعرف كيف يحافظ على صحته. وختم قائلا: إذا أردتم أن تقارنوا بتركيا فقارنوا بكل شيء إذًا!!
الدكتورة الياس
وكان الحفل قد بدأ بالنشيد الوطني اللبناني ثم تحدثت الدكتورة فاديا الياس عن مسار وزارة الصحة العامة في مكافحة مرض السرطان. وقالت إن نسبة الإصابة بهذا المرض تتزايد بسبب التلوث البيئي وتلوث المياه والأطعمة والأسمدة والهواء وحرق النفايات والنظام الغذائي الغني بالدهون والبدانة وازدياد متوسط العمر. ولفتت إلى أن موازنة أدوية الأمراض السرطانية تشكل خمسين في المئة من الموازنة الإجمالية للدواء في وزارة الصحة العامة وتعمل اللجنة الطبية للموافقة على الأدوية السرطانية والتي تضم أربعة أطباء متخصصين على درس الملفات المحالة إليها حيث إن أمام اللجنة حاليا أكثر من 14 الف ملف ويتم درس 300 ملف أسبوعيا أما نسبة الرفض فتراوح بين 14 و18 في المئة. ولفتت الدكتورة الياس إلى أن هدف وزارة الصحة العامة تخفيض نسبة رفض الملفات كي لا يتأثر أي مواطن يحتاج إلى العلاج.
وأوضحت أن السجل الوطني الإلكتروني للدواء سينعكس إيجابًا على كل من المرضى والأطباء والوزارة. فبالنسبة إلى المرضى سيتيح لهم هذا السجل زيارة وزارة الصحة العامة مرة واحدة حيث يقدمون طلبًا ويحصلون على رقم ليتم تبليغهم بعد ذلك بالموافقة على الطب لاستلام الدواء. وبالنسبة للطبيب المعالج سيكون متاحًا ملف مفصل عن تاريخ مريضه. كما سيقدم هذا السجل لوزارة الصحة إحصاءات لمعرفة نسبة الإصابة بالسرطان والدرجة التي يتم فيها اكتشاف المرض وجدوى العلاجات المقدمة ومدتها.
وختمت الياس: "إن الطريق طويل إنما في التعاون يمكن الوصول إلى الأهداف المرجوة".