حاصباني في تخريج طلاب الحكمة هاي سكول: كونوا مستعدين للمستقبل وتحلوا بالثقة وكافحوا لقضية تؤمنون بها
وطنية - رعى رئيس أساقفة بيروت للموارنة ولي الحكمة المطران بولس مطر تخريج 117 طالبة وطالبا في شهادة البكالوريا اللبنانية والدولية والأميركية، حملوا شعارا لدورتهم "حان الوقت لنقدر ونثمن الوقت"، تحدث فيه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة الأستاذ غسان حاصباني، بدعوة من رئيس مدرسة الحكمة هاي سكول في عين سعادة الخوري كبريال تابت.
بعد النشيد الوطني ونشيد مدرسة الحكمة وكلمات معبرة باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية باسم المتخرجين، ألقى تابت كلمة قال فيها: "نرحب بكم في الاحتفال السنوي الثاني والعشرين لتخريج طالباتنا وطلابنا إلى رحاب الحياة الواسعة. ويتزامن حفلنا اليوم الذي يحمل شعار "حان الوقت لنقدر ونثمن الوقت"، بإطلاق اليوبيل الفضي في مناسبة مرور 25 سنة على تأسيس الحكمة هاي سكول. وقد حلمنا، وخططنا بدقة، لتحقيق النجاح والتميز ونشر رؤيتنا في جميع أنحاء العالم من خلال إنجازات طلابنا. ويشرفنا دولة الرئيس، الأستاذ غسان حاصباني، أن نرحب بكم خطيب احتفالنا، وأنت الذي يستفيد لبنان منك ومن نجاحاتك في عالم الأعمال والسياسة. بعدما شغلت مناصب كبيرة في شركات مختلفة في الخارج، وظل لبنان في قلبك وفكرك. كتاباتك وأعمالك تكشف عن إيمانك برؤية وطنك ينهض ويزدهر، وانت الآتي إلى عالم السياسة فيه، من خلال خبراتك الاقتصادية. وكم نتمنى أن تكون نجاحاتك مثلا لخريجينا".
أضاف: "إليكم أتوجه يا صاحب السيادة المطران بولس مطر، لأشكر لكم كل ما تقدمونه من دعم لمدرستنا، ونحن الذين نعمل فيها بوحي من توجيهاتكم وإرشاداتكم لنقوم برسالتنا التربوية خير قيام. وكيف لا نأخذ بتوجيهاتكم وأنتم ملأتم لبنان والعالم بثقافتكم وعلمكم وفكركم، وقد عملتم دائما في كهنوتكم وأسقفيتكم من أجل الإنسان وتنميته روحيا ووطنيا وتربويا؟ نحن، كهنة وأساتذة وإداريين نعمل، كفريق عمل لتقديم أفضل تعليم لتلامذتنا ونقدم لهم أفضل توجيه لمواجهة الفساد في وطننا الحبيب ودعم القضايا الإنسانية وتجاهل الخلافات ومواجهة التعصب الديني. نحن نتطلع إليكم ونسعى دائما للعمل بتوجياتكم، صاحب السيادة، من أجل مجتمع لبناني أفضل".
وتابع: "وأنتم أيها الخريجون، فقد حان الوقت لإعطاء الوقت قيمته ومدرسة الحكمة هاي سكول، ساعدتكم في نمو شخصياتكم وثقافتكم وتربيتكم، وقد غرست فيكم الطموح للحصول على فرص أفضل في الحياة. لقد عملنا معا، كهنة ومربين وطلابا وأهلين، لتطوير نقاط القوة الخاصة بكم لتحقيق النجاح أكاديميا وروحيا. وفرنا لكم فرص التعلم المختلفة وساهمت مدرستكم في النمو الثقافي الخاص بكم. اليوم، تقفون هنا بفخر والفخر يرافقكم في كل حياتكم إن شاء الله، لتحقيق أحلامكم. ابدأوا رحلة جديدة في حياتكم حاملين القيم التي علمتكم إياها الحكمة وتعلمتموها في بيتكم مع والديكم الساهرين دوما عليكم وعلى كل خطوات حياتكم. حان الوقت لتقدير جهودكم وعملكم الشاق، وحان الوقت للقيام بأدواركم كمواطنين مسؤولين مزودين بقيم أخلاقية وفكر منفتح لتكونوا قادة في صنع مستقبل زاهر لوطننا".
وختم: "نحن في الحكمة هاي سكول وفي سنتنا اليوبيلية هذه، نعد بأننا سنستمر بحمل رسالتنا التربوية من أجل أن تكون مدرستنا بحجم طموحات وآمال كل من آمن بها".
حاصباني
ثم ألقى خطيب الاحتفال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة كلمة قال فيها: "هنيئا لكم، خريجات وخريجي الحكمة هاي سكول لعام 2017. إنها نقطة تحول في حياتكم. أنتم على وشك الإنطلاق في أكثر رحلة مثيرة في حياتكم. وللمرة الأولى ستدركون أن القرارات التي تتخذونها اليوم، ستؤثر فيكم مدى الحياة، وفيما تحتفلون بنهاية سنين من العمل الدؤوب، ستدركون الآن السبب وراء قيامكم بكل ذلك وستعون مدى سهولته. عالمنا أيضا عند نقطة تحول، فهو مليء بالشكوك، محفوف بالتحديات وزاخر بالفرص. وهو متحول بسرعة هائلة لدرجة أنكم ستحققون نجاحا في مسارات مهنية لا وجود لها في الوقت الراهن".
أضاف: "إن التكنولوجيا وعلم الوراثة وعلوم الحياة، مجالات تشهد تطورا سريعا، ممهدة الطريق لثورة صناعية جديدة ستغير حياتنا بوتيرة لم يسبق لها مثيل. فالطباعة الثلاثية الأبعاد، ستتيح أمامنا المجال لصنع منتجات ومكونات وحتى أنسجة بشرية وفقا لتصاميم وصور رقمية، بطريقة غير مركزية، الأمر الذي سيفسح المجال أمام الجميع للتصميم والصناعة أينما وجدوا، وستتحولون إذذاك من مجرد مستهلكين إلى مصممين وصناعيين متطورين. تخيلوا طبيبا قادرا على طباعة عظم سليم لاستبدال عظم سقيم باستخدام صورة رقمية فائقة الإستبانة للصورة الأصلية والتركيب الكيميائي والبيولوجي المطابق لها باستعمال آلة طابعة ثلاثية الأبعاد في المستشفى أو العيادة الموجود فيها. ويرجح كثيرا أن يقوم أقله واحد منكم بذلك في السنوات العشرين المقبلة".
وتابع: "تخيلوا أن بعض المهن ستختفي تدريجا من حياتكم. ويمكنني أن أعدد بعضا منها مثل مهنة السائقين والطيارين وسعاة البريد ووكلاء السفر وعمال الطباعة ومتعهدي التأمين، والمصرفيين والمزارعين وغيرها من المهن. أما الإزدهار في الموجة المقبلة من التشغيل الآلي فسيكون محصورا بالوظائف التي تتطلب مستوى أعلى من المعرفة أو المهارة وبالأشخاص الذين يختارون مسارات مهنية مرتبطة بالصناعات الابتكارية أو التقنية أو الصحية إذ يكون بناء العلاقات أو اتخاذ القرارات بشأنها أمرا أساسيا".
وقال: "من أجل الاستفادة إلى أبعد حد من ذلك المستقبل، عليكم أن تكونوا على أهبة الاستعداد، لذلك سأسدي إليكم بعض النصائح وسأترك لكم حرية قبولها أو تجاهلها بالكامل وهي أن تتحلوا بثقة كافية بالنفس لاكتساب الشجاعة وليس الوقاحة، لا تخافوا من أن تبذلوا قصارى جهدكم وتفشلوا فالتعلم من الفشل هو الطريق الأقرب لتحقيق النجاح، واظبوا على ممارسة التمارين الرياضية لأنها أفضل ضمانة لحياة صحية ومنتجة، تجنبوا التدخين فالمدخنون قد تسببوا بموتهم وبموت غيرهم أكثر مما تسبب به الانتحاريون، تأكدوا من تحليكم بما يكفي من الشغف حيال ما تقومون به لأن ذلك يضاعف جودة المنتج، كونوا فضوليين لأن الفضول الثقافي مصدر الإبتكار، لا تدعوا الساخرين يحبطونكم لأنهم ينتقدون النجاح والفشل على حد سواء ولا قيمة لكلامهم، كافحوا للقضية التي تؤمنون بها وتحدوا أنفسكم وكونوا الرجال أو النساء في معترك الحياة وليس المتفرجين لأن ذلك هو السبيل لترك أثر كبير في العالم".
وكانت كلمة لمطر قال فيها: "دولة الرئيس، نائب رئيس مجلس الوزراء الأستاذ غسان حاصباني العزيز، نحن فخورون بوجودكم معنا في هذا اليوم الفارح بتخريج دفعة جديدة من طلاب مدرسة الحكمة هاي سكول. في لبنان وفي منطقتنا اليوم، أسباب كثيرة للحزن، ولكن عندما ننظر إلى فلذات أكبادنا هذا المساء، ونرى فيهم علما وشجاعة وإقداما وفرحا نقول، عندنا اليوم أسباب للرجاء وللمستقبل، إن شاء الله. أقول هذا الكلام، وقد أفرحني أن مدرسة الحكمة هاي سكول، في هذ العام، طلبت من تلامذتها في الصفوف النهائية، أن يفكروا بالوقت، حان الوقت لنقيم الوقت، أن يفكروا بالزمن. أذكركم، بما تعرفون عن الثقافة الإغريقية القديمة. هناك إله لكل شيء، للعقل، للجمال، للابداع. هناك أيضا إله للزمن، اسمه كرونوس. ومن خصائص هذا الإله أنه يأكل أولاده. نعم الزمن، يأكلنا جميعا الواحد تلو الآخر. لكن هذا الزمن، ليس كل شيء عن الزمن. الأقدمون رأوا في الزمن ذهابا إلى الفناء، إلى الموت. أو رأوا فيه ترجيعا لما كان مرة وسيعود مرات دون أي جديد في دوران مفرغ".
أضاف: "نحن نؤمن أن هذا الزمن قد دخلته الألوهة. السماء انحنت عليه، الرب تجسد في هذا الزمن وحمل الزمن بيديه وافتداه، فأصبح زمنا نحو الرجاء والبناء، بناء ملكوت الله. ونحن كلنا عمال في هذا الملكوت. الزمن يأخذنا لا للموت بل للحياة، شرط أن نضع فيه حبنا، أن نضع فيه طاقاتنا، أن نضع فيه رجاءنا، أن نضع فيه هذا الأمل الذي لا ينكسر. وأنتم، أيها الشابات والشباب من غيركم، يجسد هذه القوة، هذه الثقة بالمستقبل. أدخلوا في هذا الزمن لترفعوه إلى أعلى وتبنوا وطنكم وشرق أوسطكم وتبنوا عالمكم، على أساس الحب والتلاقي. أقول لكم بكل صراحة، أنا خائف نوعا ما على تكديس السلاح، الحاضر والآتي في كل هذا الشرق وصرف الأموال بمليارات الدولارات، لا لشيء إلا لأن يقتل الناس بعضهم بعضا. وماذا يبقى؟ هذا خطر يجب أن نضرع إلى الله ليحمينا منه".
وتابع: "نرمي السلاح ونعود بعضنا إلى بعض وجها إلى وجه، نتحدث بصراحة كإخوة، قد نختلف وقد نتفق، كلنا بشر وكلنا نحب الحياة والحياة تحبنا. لذلك أصلي من أجلكم، وأيها الشابات والشباب، الخارجون من المدرسة إلى الجامعة إلى الحياة العملية، حتى تكونوا عنصر تقدم وفرح ورجاء وأمل، لتبنوا هذا المستقبل، كما أنتم تحلمون وتريدون. هذا ما نضرع إلى الله من أجله. وأقول لكم شيئا عن نهاية الزمن. الزمن ينتهي عندما يكتمل. خذوا عن ذلك صورة اللوحة الفنية الزيتية. متى تكتمل هذه اللوحة؟ عندما توضع فيها آخر ريشة. هذا العالم يكتمل عندما تكتمل كل عناصره، عناصر البناء وعناصر الإنسانية التي ترتفع فوق قامات البشر، إلى قامة يدعونا الله إلى أن نصل إليها".
وقال: "اليوم، أيضا عيد خميس الصعود، صعود الرب إلى السماء. نزل في التجسد إلى كل إنسان مريض، محتاج، متألم ومتروك تضامن معه. أنا أحبكم جميعا. تعالوا إلي. ثم بإرتفاعه، يقول لنا أرفعكم، إلى أكبر من قاماتكم، إلى أن تكونوا أنصاف آلهة، أبناء الله، أبناء المحبة والخير. فنقبل هذه التغييرات في حياتنا، لنصبح أكبر مما نحن. عند ذاك يتحول لبنان، إلى ما نريده نحن. لبنان الإنسانية، لبنان الكرامة والمحبة والخير.
أهنئكم من صميم القلب خريجات وخريجي الحكمة هاي سكول لهذا العام، أظهرت هذا المساء، أنكم قادرون، أن تزرعوا الفرح والإيجابية في هذا الوطن. الحكمة فخورة بكم اليوم، وستكون فخورة أكثر في المستقبل. أنظروا بكل محبة إلى دولة الرئيس غسان حاصباني، عمل مثلكم وقبلكم وانطلق يعمل في الدول المحيطة، خارجا عن وطنه، ولما دعا الداعي جاء إلى لبنان وأصبح أملا جديدا في هذا الوطن. كلكم قادرون، أيها الشابات والشبان أبناء الحكمة وبناتها، أن تجسدوا هذه المشية نحو المستقبل. أتمنى لكم أن تسيروا في هذا الإتجاه، عند ذاك، الخير يزورنا والسلام يزرع في قلوبنا ولبنان يكون احسن حال وأحلامكم تصبح جزءا من انتصاراتكم ولا تبقى أحلاما خارجة عنكم".
وختم مطر: "عاشت أحلام الشباب وليعطها الله أن تصير حقيقة، عند ذاك نفرح بكم ونفرح أكثر فأكثر. شكرا للحكمة وشكرا للأهل، والتوفيق لشاباتنا وشبابنا وكان الله معهم وإلى الأمام".
ختاما سلم حاصباني ومطر وتابت ومدير القسم الثانوي الأب جهاد صليبا ومديرة صفوف البكالوريا الدولية والمنهج الأميركي في القسم الثانوي السيدة ليدي معلوف، شهادات التخرج.