عرض نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني التقرير الوطني الطوعي عن أهداف التنمية المستدامة حيث ترأس الوفد اللبناني بعد أن نسق جهود الوزارات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لوضع تقرير متكامل تحت إطار اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وكلف نائب الرئيس غسان حاصباني بإدارة العمل فيها.
الوفد اللبناني إلى نيويورك الذي ترأسه حاصباني ضم مديرين عامين من وزارتي التربية والاقتصاد وممثلين عن رئاسة الجمهورية والخارجية والمجتمع المدني وفريق العمل في رئاسة مجلس الوزراء إضافة إلى أعضاء البعثة اللبنانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك. وتم عرض التقرير الأول للبنان للمنتدى السياسي رفيع المستوى الذي اظهر مدى تقدم لبنان في كل هدف من أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة لعام ٢٠٣٠ إضافة إلى أسلوب وآليات العمل التي اتبعتها اللجنة لإشراك جميع المعنيين في القطاع العام والخاص والمجتمع المدني لوضع التقرير بوقت قياسي.
وتعتبر هذه الأهداف بمثابة إطار متكامل لتطوير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية واستدامة هذا التطوير على المدى البعيد مع الحفاظ على البيئة والإنسان.
وتتضمن الأهداف السبعة عشر محاربة الفقر والجوع وتطوير الصحة وتأمين طاقة نظيفة وبأسعار معقولة ووظائف جديدة من تعزيز النمو الاقتصادي وتأمين المساواة في المجتمع وبناء المدن والمجتمعات المستدامة والاستخدام المسؤول للموارد والاهتمام بالمناخ واستدامة الأرض والطبيعة وتأمين السلام والعدالة وتعزيز الشراكة على المستويين المحلي والعالمي. وتشكل هذه الأهداف أيضا إطارا لتوجيه الاستثمارات الدولية كمؤتمر "سادر" وتأمين استدامة مفاعيلها على الاقتصاد والمجتمع.
حاصباني، وفي كلمته، اكّد التزام الحكومة اللبنانية بجدول أعمال 2030 وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة. واضاف: "كما تعلمون، لبنان بلد صغير متوسط الدخل ويتمتع بنظام سياسي ديمقراطي، واقتصاد ليبرالي قائم على روح المبادرة ويعتمد إلى حد كبير على الخدمات، وهو مجتمع يتميز بالتنوع الثقافي والانفتاح. وبما أنه يقع في وسط إحدى أكثر المناطق اضطراباً في العالم، فقد أبدى مرونة ملحوظة في العديد من الصدمات الأمنية والسياسية والاقتصادية منذ نهاية التسعينيات. إنما في الآونة الأخيرة، تأثر لبنان بشدة بالنزاع في سوريا، ولا يزال يتحمل، للعام الثامن على التوالي، العبء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بسبب استضافته لأكثر من 1.5 مليون نازح من سوريا".
واشار نائب رئيس مجلس الوزراء الى انه على الرغم من هذه التطورات، فإن التقرير الوطني الطوعي الأول للبنان عن التنمية المستدامة يتم في وقت نجح فيه لبنان بإجراء انتخابات برلمانية، ويُتوقع تشكيل حكومة جديدة قريباً. كما لفت الى ان المجتمع الدولي أوضح أن الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان أمر أساسي، بما في ذلك بالنسبة إلى المنطقة ككل، ويجب المحافظة عليه.
واعلن ان لبنان حقق سبعة أهداف على الأقل من الأهداف الإنمائية للألفية، لا سيما في مجالات الصحة والتعليم الابتدائي والمساواة بين الجنسين في التعليم. واردف: "أظهرت الأهداف المتبقية نتائج مختلطة، فإما أنها غير قابلة للتطبيق، أو لم يكن من المتوقع تحقيقها في الوقت المحدد".
تابع حاصباني: "أطلقنا رسمياً منذ عام تقريباً عملية أهداف التنمية المستدامة مع وضع الأهداف التالية في الاعتبار:
أولاً، إضفاء الطابع المحلي على جدول الأعمال العالمي الطموح وفقاً للاحتياجات والتحديات والموارد الوطنية.
ثانياً، الإبلاغ عن وضع جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر والتقدم الذي أحرزناه فيها (التقرير الوطني الطوعي الأول).
ثالثاً، الدعوة إلى المشاركة الفعالة وملكية الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص.
رابعاً ، اعتماد مقاربة حكومية وتشاركية شاملة من أسفل إلى أعلى.
فيما يتعلق بالبنية المؤسساتية، فقد تم إنشاء لجنة وطنية حول أهداف التنمية المستدامة بموجب قرار من مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الوزراء، وتضم، إضافة إلى المديرين العامين للإدارات العامة، ممثلين اثنين من المجتمع المدني وممثلين اثنين من القطاع الخاص.
يتمثل دور اللجنة الوطنية في تنسيق الجهود الوطنية ودمج أهداف التنمية المستدامة في البرامج والاستراتيجيات الوطنية، وتطوير قاعدة بيانات وطنية لمؤشرات أهداف التنمية المستدامة، والمساهمة في إعداد التقرير الطوعي الوطني. كما تم إنشاء لجنة برلمانية لأهداف التنمية المستدامة لمراقبة وتعزيز أهداف التنمية المستدامة في البرلمان، بما في ذلك وضع خرائط للتشريعات القائمة. علاوة على ذلك، تم إنشاء موقع أهداف التنمية المستدامة – لبنان، وعُقدت ورش عمل عدة لتعزيز التوعية، وتم إطلاق مشاركة نشطة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص".
فيما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني، اعلن حاصباني انه تم ضمان استقلالية ممثلي منظمات المجتمع المدني، وتمت صياغة بيان المجتمع المدني وتوحيده وإدراجه في التقرير الوطني الطوعي، وتم التشاور مع 300 منظمة غير حكومية، بما في ذلك في المناطق النائية، وأُنشئت قناة اتصال رسمية بين منظمات المجتمع المدني والحكومة اللبنانية.
واضاف: "يمكنكم الاستنتاج من التقرير الوطني الطوعي، ان لبنان حقق تقدماً في العديد من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك في مجالات التعليم والصحة وشؤون المرأة والفقر وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به".
كما اشار حاصباني الى انه للمضي قدماً، يواجه تقدم لبنان في جدول أعمال 2030 عدداً من التحديات التي تجب معالجتها والنظر فيها:
1. عدم وجود نظام إحصائي قوي وقاعدة بيانات أهداف ومؤشرات أهداف التنمية المستدامة: هناك حاجة إلى بناء القدرات والمساعدة الفنية.
2. ضرورة تعزيز القدرات المؤسساتية لإدارة القطاع العام، بدعم من وكالات الأمم المتحدة والشركاء الدوليين.
3. يتوجب تمويل خطة التنمية في لبنان عن طريق الإقراض والمنح بشروط ميسّرة للغاية وعن طريق تعبئة موارد القطاع الخاص، في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، نظراً لارتفاع نسبة العجز المالي ونسب الدين العام.
4. سيكون التقدم في جدول أعمال التنمية في لبنان أكثر تحديا نظراً لأزمة النازحين السوريين المستمرة وتداعياتها غير المسبوقة على اقتصاد لبنان، والبيئة، والخدمات العامة، والبنية التحتية.
واعلن ان لبنان سيركز في عمله من الآن فصاعداً على:
- تحديد أولويات الأهداف أو تحديد أولويات الأهداف في كل هدف.
- ضمان اتباع نهج متكامل للتنمية.
- صياغة رؤية متوسطة المدى للتنمية.
واضاف: "نحن في لبنان مصممون على نقل اقتصادنا إلى مستوى جديد، وتحسين سبل عيش المواطنين اللبنانيين، وتحقيق التنمية المستدامة في جميع مناطق لبنان. كما نحرص أيضاً على الحفاظ على مواردنا الطبيعية والتراث الغني للتنوع الثقافي. وستشكل الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر أيار من هذا العام وما تلاها من تشكيل الحكومة سبلاً جديدة للمضي قدماً برؤية الحكومة للنمو والتوظيف مع إعطاء أولوية واضحة للإصلاحات".
ختم نائب رئيس مجلس الوزراء: "إننا نقدر الدعم القيّم الذي يوفره لنا أصدقاؤنا في المجتمع الدولي، بما في ذلك جميع وكالات الأمم المتحدة، ونتطلع إلى تعاون قوي في المستقبل لتحقيق أهدافنا لتطوير التنمية المستدامة وتأمين مستقبل مزدهر لجميع اللبنانيين. كما تقدر الحكومة اللبنانية بشكل خاص، الدعم القيّم لمكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة والمكتب القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال عملية نشر أهداف التنمية المستدامة، والأعمال التحضيرية للبرنامج".