أكد أن تفعيل المستشفيات الحكومية يتم عبر مجالس إدارة جديدة بعيدة عن التسييس
حاصباني عرض تفاصيل استراتيجية القطاع الصحي "صحة 2025":"تحقق نقلة نوعية بتأمين التغطية الصحية الشاملة والمحافظة على كرامة المواطن"
أطلق نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة بالتفصيل استراتيجية القطاع الصحي في لبنان "صحية 2025"، وذلك خلال ملتقى بيروت الدولي للصناعة الصحية الذي تنظمه وزارة الصحة العامة بالتعاون مع مجموعة الإقتصاد والأعمال. واستهل كلمته بعرض خارطة ديمغرافية للبنان مشيرًا إلى أن عدد السكان في لبنان يبلغ 6.1 مليون شخص من بينهم 4.6 مليون مواطن و1.5 مليون نازح. ويبلغ الدخل القومي اللبناني 52 مليار ويعود الإنخفاض الحاد في النمو إلى بدء أزمة النزوح بين العامين 2011 و2015 فيما يبدو اليوم أن النمو يعود للإرتفاع تدريجًا. ولفت حاصباني إلى أن لبنان يصنف من الدول المتوسطة إلى المرتفعة الدخل بالنسبة إلى الدخل القومي للفرد ولكن عندما يتم التعمق بالمسألة وأخذ قضية النازحين بالاعتبار يصبح لبنان ذا وجهين للدخل: وجه ذو دخل عال ووجه ذو فقر ونزوح. لذا يضحي التعامل مع لبنان من قبل المجتمع الدولي لناحية التمويل مختلفا عن الدول ذات الدخل المتوسط أو المرتفع.
أما في أداء ومقومات المجال الطبي في لبنان فإن عدد الأسرة يبلغ 3.5 لكل ألف شخص فيما معدل المنطقة سريران والمعدل الدولي 4.9 ما يعني أن معدل الأسرّة في لبنان جيد من ناحية العرض والطلب رغم الضغط الإضافي على الأسرّة جراء النزوح. وبالنسبة إلى عدد الأطباء، هناك فائض يتعين على لبنان الإستفادة منه، فيما عدد الممرضين يحتاج إلى التشجيع على الإنخراط أكثر في هذه المهنة التي تؤثر إيجابًا في المجتمع. كما أن عدد أيام الإنتظار لدخول المستشفيات هي أيام معدودة وأقل بكثير من أيام الإنتظار في الدول الأخرى ولا سيما المتقدمة منها.
الرؤية المستقبلية
وتناول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني العوامل الخمسة التي تؤسس للرؤية الاستراتيجية المستقبلية، وهي الحفاظ على الموقع المتقدم للبنان في المجال الصحي، وتأمين التغطية الصحية الشاملة لكل اللبنانيين ما يشكل الدعامة الأساسية للاستراتيجية، والحوكمة الرشيدة والتنمية المستدامة واستقطاب الإستثمارات والسياحة العلاجية.
وتابع حاصباني أنه تم تحديد ثماني مبادرات استراتيجية تنطلق من العوامل المذكورة وهي توفير التغطية الشاملة والسجل الصحي الرقمي، إطلاق الصحة الرقمية، الاستجابة لحالات الطوارئ بفعالية، تطوير السلامة الغذائية، تعزيز قدرات العناية الفائقة، تطوير المستشفيات الحكومية وشبكة الرعاية الأولية، دعم قطاع الأدوية، ترقيم خدمات الوزارة: تفعيل وتسريع المعاملات، إضافة إلى مشاريع قوانين ومراسيم تعني بتنظيم المهن الطبية، المستشفيات المتخصصة، بنوك الدم، السقوف المالية للمستشفيات وغيرها.
التغطية الصحية الشاملة
وأعلن الوزير حاصباني عن إطلاق برنامج التغطية الصحية الشاملة التي تهدف إلى تأمين غطاء صحي وشامل لكل المواطنين اللبنانيين من اليوم وصاعدًا وذلك لدى تطبيق القوانين المرتبطة بهذه الاستراتيجية، علمًا أن العمل قد بدأ اعتبارًا من اليوم في هذا الاتجاه لتطبيق القوانين والبنى التحتية المرتبطة بها.
وتابع أن المستفيدين من هذه التغطية الصحية الشاملة هم المواطنون الذين ليس لديهم تغطية صحية من أي جهة ضامنة، وتشمل هذه التغطية الاستشفاء، غسيل الكلى، الرعاية الأولية وبرامج العافية، الأدوية الأساسية والأمراض المستعصية، الفحوصات والعيادات الخارجية.
أما التمويل فسيتم تأمينه من الموازنة العامة إضافة إلى اشتراكات سنوية ومشاركات تسديد وهبات سيتم السعي للحصول عليها من المنظمات الدولية؛ وسيؤدي ذلك إلى رفع مستوى التغطية المالية من دون إضافة أعباء مالية على الخزينة ومن دون تحميل المريض أعباء مكلفة.
ولفت إلى أنه سيتم تجنيد طاقات وزارة الصحة ومراكز الرعاية الأولية لإيجاد المستفيدين واستقطابهم وتسجيلهم في برنامج الرعاية الأولية. وشدد على أنه من غير المقبول ألا يكون هناك إلزامية في الضمان الصحي مضيفا أن وزارة الصحة العامة تلعب دورًا في أن تكون هي من الجهات الضامنة الأساسية لمن ليس لهم جهة ضامنة.
وبالنسبة إلى شبكة مزودي الخدمات، سيستمر الإستشفاء في المستشفيات الخاصة والحكومية، أما الفحوصات فستقتصر على المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية. ولفت الوزير حاصباني إلى أنه سيتم تعويض مزودي الخدمات من خلال دفع المصاريف مقابل الخدمة، على أن تتم إدارة الإستخدام من خلال مؤشرات الأداء ونموذج المدخل الإلزامي من خلال وضع ملف صحي متكامل في مراكز الرعاية، مع الإلتزام بالوصفة الطبية الموحدة وإلزامية السجل الصحي الرقمي.
الجزء الثاني من الاستراتيجية الصحية
وتابع وزير الصحة العامة أنه سيتم استحداث خدمات الإستشفاء عن بعد من خلال ربط مراكز الرعاية الأولية بالمرضى في المنازل وربط المرضى في مراكز الرعاية بالأطباء في مراكز المراقبة بالمستشفيات وربط المستشفيات النائية بالأكثر تطورًا للمساندة عند الحاجة أو للمشورة خلال العمليات.
وتناول الوزير حاصباني خطة الإستجابة لحالات الطوارئ والتي سيتم فيها استخدام تطبيقات لتحديد المستشفى الأقرب والأنسب وضم كل المعنيين من إسعاف ومستشفيات وأطباء مراقبين ومواطنين إلى النظام والخطة وتحديد آليات لمعالجة المشاكل والمتابعة الآنية وتأهيل المجتمع وتدريبه لتحسين قدرته على الإستجابة عند الأزمات. ولفت إلى أن ذلك سيؤدي إلى تقليص احتمال الوفيات وصون كرامة المواطن، فلا يبقى مريض غير قادر على الحصول على الإستشفاء الصحيح آنيًا وبأسرع وقت.
وأشار وزير الصحة العامة إلى أن العمل جار لتفعيل خطة السلامة الغذائية من خلال إشراك البلديات وتحميلها المسؤولية في هذا المجال، فضلا عن تأمين الرقابة على كل سلسلة الغذاء بدءًا من المزارع إلى المخازن فالمحال التجارية والمنازل. وأعلن عن إطلاق تطبيق إلكتروني في وقت قريب سيبين الحالات المخالفة في أي بلدية من أجل معالجة مكامن الخلل وإبقاء الغذاء سليمًا وخاليًا من الأمراض.
كما تناول حاصباني خطة دعم أقسام العناية الفائقة وخاصة العناية الفائقة بالأطفال، وذلك من خلال تعزيز القدرات وتحمل المسؤوليات من ناحية استخدام التكنولوجيا والمعدات المتطورة والتجهيزات. وقال إن العمل جار على تأمين التمويل ووضع خطة شاملة لتطوير العناية الفائقة لكافة المواطنين والإستثمار فيها، ما يتطلب تعاونًا مع المجتمع الدولي والقطاع الخاص في لبنان.
وبالنسبة إلى المستشفيات الحكومية، لفت وزير الصحة العامة إلى أن خطة التفعيل ترتكز على تفعيل الإدارة فتكون مجالس إدارة جديدة مؤلفة من أشخاص كفوئين قادرين على إدارة هذه المستشفيات الحكومية بعيدًا من التسييس بما يلبي مفاهيم الإدارة الحديثة والحوكمة الرشيدة. وقال: إننا حريصون على ضخ نبض القطاع الخاص داخل المستشفيات الحكومية التي هي مؤسسات عامة، من خلال توأمة معينة وبناء الشراكات وزيادة المكننة والترقيم وزيادة الفعالية ومستوى الخدمات. وتابع أننا نريد أن تضاهي المستشفيات الحكومية المستشفيات الجامعية، مضيفا أن الدعم المالي الذي حصلنا عليه أخيرًا من البنك الدولي سيسهم في تفعيل مراكز الرعاية الأولية ودعم المستشفيات الحكومية على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وشدد الوزير حاصباني على دعم قطاع صناعة الدواء المحلية من خلال الشراكة مع القطاع والمراجعة الدورية للأسعار وفتح أسواق جديدة وإعطاء الأولوية للدواء المحلي. وكشف عن لقاء عقده أخيرًا مع وزير الصحة المصري من أجل وضع اللمسات الأخيرة على مذكرة تفاهم لفتح الأسواق المصرية أمام الدواء اللبناني وتسجيل ثلاثين دواء لبنانيًا في السوق المصري، على أن يتم قريبًا توقيع هذه المذكرة في مصر.
كما لفت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة إلى العمل على ترقيم خدمات الوزارة إيمانًا بأهمية الحكومة الإلكترونية، مؤكدا على الإستمرار بالعمل في شكل مكثف على تطوير هذا المفهوم في الحكومة اللبنانية. وتناول في هذا السياق أهمية الشباك الموحد للخدمات وإرسال نظام الباركود والتسجيل الجمركي وترقيم عملية تسجيل المخدرات والمسكنات وشبك مراكز الرعاية ببعضها وبالوزارة وبالإنترنت، والسجل الصحي الإلكتروني والتبليغ الرقمي للشكاوى. وأكد أن ذلك سيؤدي إلى منظومة إلكترونية كاملة للقطاع الصحي.
وختم وزير الصحة العامة قائلا إن هذه الاستراتيجية ستحقق نقلة نوعية للقطاع الصحي في لبنان متمنيًا أن يؤدي ذلك إلى تفعيل التعاون بين مختلف الوزارات المعنية وكافة المعنيين داخل القطاع الصحي فيتحقق حلم اللبنانيين وحلمنا بقطاع استشفائي متطور يلبي مختلف الحاجات ويبقى في المرتبة الأولى عربيًا وفي مصاف الدول المتطورة.