Hasbani's Lecture on "the Role of Deputy Prime Minister"
محاضراً عن "دور نائب رئيس مجلس الوزراء"... حاصباني: مكمّل وداعم لدور رئيس مجلس الوزراء وليس بديلاً أو مشاكساً له
اكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال غسان حاصباني ان من الضروري التجرّد من الحسابات الطائفية والتحلّي بالموضوعية لدى الحديث عن منصب ودور نائب رئيس مجلس الوزراء، والأخذ في الاعتبار أهمية نموذج هرمية الحُكم والدور المناط بالسلطة الإجرائية، والابتعاد قدر الإمكان عن منطق تقاسم السلطة وتوزيع الصلاحيات بين المكونات الطائفية والسياسية المختلفة.
وشدد على ان الحديث عن موقع ما في السلطة، يجب ألا يأتي من منطلق طائفي أو سياسي، بل من منطلق الحُكم السليم والبنية المتماسكة للسلطة التي تمثل جزءاً أساسياً من الدولة، مضيفاً: "قيل وسيُقال الكثير عن دور نائب رئيس مجلس الوزراء في لبنان، فثمة من يعتقد أنه منصب شرفيّ يوفّر لصاحبه مقعداً على طاولة مجلس الوزراء، فيما يجزم آخرون أن المنصب ينطوي على دور ضروري في غاية الدقة والأهمية ويسند ويدعم دور رئيس مجلس الوزراء".
حاصباني، وخلال القائه محاضرة بدعوة من الرابطة اللبنانية للروم الارثوذكس بعنوان "دور نائب رئيس مجلس الوزراء في النظام السياسي اللبناني" ، أردف: "كي لا يُساء تفسير هذا الكلام وتحميله ما لا يحتمل سياسياً أو طائفياً، نؤكد أن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لا يتمتع بالصلاحيات الكاملة التي أُنيطت بموقع رئاسة الحكومة العائد للطائفة السنية الكريمة. لكن في المقابل لا يُمكن اعتبار منصب نائب رئيس الوزراء موقعاً شرفيًّا لا قيمة له بسبب عدم ذكره في الدستور، لأن في ذلك تخفيفاً للقيمة التمثيلية المتعلقة بالطائفة الأرثوذكسية في السلطة التنفيذية".
المحاضرة التي حضرها النائبان وهبي قطيشا وجان طالوزيان، ممثل عن الوزير ميشال فرعون وآخر عن النائب نقولا الصحناوي، الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق اللواء عصام ابو جمرة، النائبان السابقان غسان مخيبر ومروان ابو فاضل، محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب، المطران الياس عودة ممثلا بالأب نقولا سميرة، ممثل السفير الروسي، مديرة الوكالة الوطنية للإعلام السيدة لور سليمان صعب، حشد من الفاعليات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وعدد من القضاة والاعلاميين والمخاتير واعضاء من مجلس بلدية بيروت اقيمت في حرم جامعة القديس يوسف في طريق الشام في بيروت.
وشدد حاصباني أنه "لا يمكن أن تكون في الدولة سلطة من دون مسؤولية ولا فراغ في السلطة لذا من هذه المبادئ، انطلقت الحاجة لنيابة رئاسة مجلس الوزراء، التي تلعب دوراً في تمكين الرئيس من تحمل كافة مسؤولياته وتأمين استمرارية مؤسسة مجلس الوزراء منعا للفراغ. موضوع الاستمرارية هو موضوع أساسي في نظامنا السياسي، لأن مجلس الوزراء هو مؤسسة لا يمكن أن تتوقف عن العمل لأي سبب. (...) ومن منطلق المحافظة على استمرارية العمل الدوري وعدم توقّفه في مؤسسة مجلس الوزراء، أتى مبدأ نيابة الرئاسة".
تابع نائب رئيس مجلس الوزراء: "يروي رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني أنه وبعد مؤتمر الطائف، كان رئيس الحكومة سليم الحص خارج البلاد، وحصلت حادثة تستوجب إحالتها إلى المجلس العدلي. عندها اتصل رئيس الجمهورية الياس الهراوي بالرئيس الحص آخذاً برأيه قبل أن يجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية وحضور نائب الرئيس آنذاك ميشال ساسين، واتخذ مجلس الوزراء القرار المناسب. وفي العام 1972 عندما سافر رئيس مجلس الوزراء صائب سلام إلى أوروبا كان نائب رئيس مجلس الوزراء ألبير مخيبر يحضر إلى السرايا ويوقّع البريد المتعلق برئاسة الوزراء. وفي الواقعتين، ما قبل الطائف وما بعده، لعب نائب الرئيس جزءاً من دور رئيس مجلس الوزراء لتأمين استمرارية العمل".
حاصباني لفت الى انه "على الرغم من أن الدستور لم يلحظ وجود نائب لرئيس مجلس الوزراء، إلا أن الأعراف والقوانين والمراسيم ثبّتت هذا الموقع من دون وضع نص واضح للصلاحيات". وتابع: "وجود نائب لرئيس مجلس الوزراء في مراسيم تشكيل الحكومات يجعل منه أمراً قائماً، لكن عدم تحديد مهامه بنظام داخلي يجعله معتمداً على علاقة نائب الرئيس بالرئيس، وشخصية نائب الرئيس وقدرته على اتخاذ المبادرات وإدارة الملفات وعلى الظروف السياسية السائدة. والخطوات المطلوبة لتحديد مهام نائب رئيس مجلس الوزراء، تتضمن: التناغم بين نائب الرئيس ورئيس مجلس الوزراء الذي يوكل اليه مهام متعددة من ضمن المهام التي تقع في نطاق مسؤولياته. ترسيخ مهام نائب رئيس مجلس الوزراء بمرسوم يحدد مهام نائب رئيس مجلس الوزراء، أو يُنظّم عمل المجلس أو بقانون او تعديل في النص الدستوري للغاية عينها. وبذلك، يمكن تفادي الاستنسابية والظرفية في تحديد دور نائب الرئيس".
وتوقف حاصباني عند تجربته كنائب رئيس مجلس الوزراء، والمهام التي قام بها في مساندة الرئيس الحريري في أعمال أوكلها اليه بموجب قرارات اتخذها. واضاف: "على سبيل المثال، ترأست لجاناً ضمّت رؤساء أكثر من 1200 بلدية مع القائمقامين والمحافظين من جهة، وممثلين عن كافة الوزارات من جهة أخرى لمسح وتنسيق وتوثيق جميع المشاريع الأساسية على كافة الأراضي اللبنانية بهدف عقد جلسات لمجلس الوزراء في المناطق للبت بشؤونها. ونتج عن ذلك، قاعدة بيانات شاملة وغير مسبوقة لكافة المشاريع الأساسية، والتي استُخدمت في مؤتمر "سيدر" كجزء من لائحة المشاريع التي عُرضت للاستثمار. كما إنني، رفعت لائحة بتوصيات إصلاحية عامة لمجلس الوزراء تكوّنت خلال النقاشات التي دارت في أكثر من 16 اجتماعا. إضافة إلى ذلك، تابعت أعمال اللجنة الوطنية للتنمية المُستدامة، وقمت بالتنسيق بين الإدارات، وترأست الوفد اللبناني إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى في الأمم المتحدة في نيويورك لعرض التقرير الأول عن موقع لبنان ضمن خارطة أهداف التنمية المستدامة. أضف إلى ذلك، ترَؤس عدد من اللجان الوزارية".
وتابع حاصباني: "من هذه الأمثلة، يتضح أنه من المهم جداً أن ننظر إلى دور نائب رئيس مجلس الوزراء كمكمّل وداعم لدور رئيس مجلس الوزراء وليس بديلاً أو منافساً او مشاكساً له. وعلى مهام نائب الرئيس أن تبقى ضمن مهام رئيس مجلس الوزراء وليست مهام رئيس الحكومة، من أجل تسهيل عمل المجلس ومتابعة مقرّراته والتنسيق بين الوزارات والإدارات وتأمين استمرارية اجتماع مجلس الوزراء بشكل دوري لمنع الفراغ في السلطة، وللمساهمة أيضاً في تحقيق نجاح رئيس مجلس الوزراء في المهام المُناطة به في الدستور".
كما تطرق حاصباني إلى الدور الأرثوذكسي قائلاً: "بما أن الطائفية السياسية لم تلغَ حتى الآن، فلا بد من التوقف عند ما يمكن للطائفة الأورثوذكسية أن تقدم عبر هذا الموقع، خاصة أن لا وجود لأرثوذكسية سياسية، بل لوجدان أرثوذكسي يكمن في كيان وأذهان المستقيمي الرأي الأصيلين، الذين نشأوا على تعاليم الكنيسة وعاشوا في كنفها وانطلقوا منها لنشر ثقافة الحضارة الأورثوذكسية والاهتمام بشؤون البلاد والطائفة، انطلاقاً من مبادئها".
اضاف نائب رئيس مجلس الوزراء: "الوجدان الأورثوذكسي من شأنه أن يقدم الكثير للوطن من خلال دور نائب رئيس مجلس الوزراء. وهو يتمثل بفكر الحضارة الأرثوذكسية المشرقية المبنية على قبول الآخر وبناء الإنسان كما جسدها كبارٌ ممن شغلوا هذا المنصب مثل فؤاد بطرس وغسان تويني وغيرهما، ومناصب أخرى مثل شارل مالك، الذين أتوا من خلفيات سياسية مختلفة".
وختم حاصباني: "الثقافة الأورثوذكسية تتطابق ومبادئ الدولة القائمة على الحرية، والمساواة والعيش المشترك. لذا بإمكان الأرثوذكس من خلال موقع نائب رئيس مجلس الوزراء توفير مشاركة حقيقية وفاعلة في تعزيز ظروف النجاح لمجلس الوزراء كمؤسسة وزيادة إنتاجه. كما يظهر هذا الدور الصورة الإيجابية لتعددية البنية المجتمعية اللبنانية. فالأرثوذكسية تتجاوز مفهوم الطائفة لتنطلق من تعاليم الكنيسة ووجدانها، إلى المدى الوطني والإنساني".
وكانت المحاضرة بدأت بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة لعريف الحفل بشارة غلام عن اهداف الندوة وعن مسيرة حاصباني في الحكومة أكان كنائب رئيس مجلس الوزراء او كوزير صحة.
بعدها ألقى رئيس الرابطة نقولا غلام كلمة ترحيبية قال فيها: "يشرفنا اليوم مشاركتكم في هذا المؤتمر الوطني حيث نستمع خلاله من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني لمحاضرة يلقيها عن دور نائب رئيس مجلس الوزراء في النظام السياسي اللبناني لأنه خير من يستطيع شرح وسرد تفاصيل هذا الموضوع والإشكالية فيه كون هذا المركز قائم فعليا ورسميا ولكن ليس معترف به دستوريا حتى يومنا هذا".
وأضاف غلام: "ان الرابطة التي من أهدافها الاهتمام بحقوق الطائفة الأرثوذكسية في المراكز الحكومية والعمل على دعم وتقوية المؤسسات الأورثوذكسية وتشجيع ابناء الطائفة على لعب دور الإنفتاح والإعتدال في العلاقات الوطنية وطوال 40 عاما لم تحيد عن أهدافها ستستمر بالمطالبة بإعطاء الحقوق واقرار دستورية موقع نائب رئيس مجلس الوزراء".
وختم بالقول: "نتوجه بالتحية ونغتم الفرصة لتوجيه الشكر والتقدير للوزير غسان حاصباني لدوره الوطني الكبير الذي شغله في موقعه كنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة".
وكان تخلل المحاضرة عرض لوثائقي عن مسيرة حاصباني في وزارة الصحة وآخر عن اللجان التي ترأسها كنائب رئيس مجلس الوزراء.