وزير الصحة العامة أطلق الحملة الوطنية للتوعية عن سرطان القولون
وأعلن عن حصول مستشفى الحريري على هبة للفحص المبكر بجهاز متطور
جبق: يمكن الوقاية والعلاج والشفاء من سرطان القولون
والكشف المبكر هو الاستثمار الأكثر ذكاء في الصحة
أطلق وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق الحملة الوطنية للتوعية عن سرطان القولون بهدف مواجهة تزايد أعداد المرضى المصابين بهذا السرطان والحدّ من التأخر في الكشف عنه، وذلك في مؤتمر في وزارة الصحة بحضور ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي والمدير العام لوزارة الصحة العامة الدكتور وليد عمار ونقباء وممثلي الأجهزة الأمنية ورئيسة جمعية سعيد هنا نمر وحشد من الأطباء والأعضاء في جمعية أطباء الجهاز الهضمي والجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث وجمعية أطباء الباثولوجيا وناشطين في منظمات مجتمع المدني العاملة في مجال الصحة.
وقد أكد الوزير جبق أن الصحة حق وواجب. هي حق لكل مواطن يجب التمتع به، وواجب تأمينه على كل سلطة ومؤسسة ومنظمة ذات صلة لمن يستحقه ضمن الضوابط والمعايير. فهي هي عنوان كرامة الانسان التي لا يجوز التعرض لها او الانتقاص منها. وهي واجب رسمي ودولي واجتماعي يحفظ بالتكافل والتضامن. ولا بد الا ان يكون موضع عناية ورعاية من الدولة ووزارة الصحة بحسب امكاناتها والتشريعات. أضاف وزير الصحة العامة أن التوعية الصحية واجب استباقي، يقع في اعلى سُلّم الاهمية والاولويات لما يعود به من نفع كبير في صون صحة وحياة المواطنين والتخفيف من معاناتهم الانسانية والمالية على مدى سنوات، في ظل الواقع المعيشي الصعب الذي نعيش. ولفت الوزير جبق إلى أن إطلاق حملة التوعية من سرطان القولون (الامعاء) ومخاطره، يهدف إلى التأكيد على وجود إمكانية كبيرة في تجنبه استباقيا أو الشفاء منه في مراحله الاولى.
وقال جبق: إنها المرة الأولى التي تطلق فيها وزارة الصحة العامة حملة وطنية للتوعية من سرطان القولون، وذلك لتزايد أعداد المرضى ولتأخر الكشف عن هذا السرطان للأسف.
وشدد على أن أهمية التوعية من سرطان القولون تكمن في عدة محاور:
أولاً: انه سرطان يمكن الوقاية منه، لأنه من السرطانات القليلة التي يمكن استباق حدوثها من خلال الكشف المبكر والدوري نتيجة فحص بسيط بكلفة زهيدة لا تتعدى عشرة آلاف ليرة لتبيان وجود أي كتل حميدة ممكن أن تتحول في المستقبل إلى سرطان ووجوب إزالتها عند اكتشافها.
والتوعية هذه تفوق اهميتها التوعية من سرطان الثدي ، لأن الثانية تتضمن تشجيع السيدات للكشف المبكر عن وجود السرطان في مراحله الأولى. أما الأولى فتحفز لإجراء فحص بسيط لمنع حصوله.
ثانياً: إن علاج سرطان القولون ممكن ومتوفر في لبنان ، سواء كان جراحيا أو عبر الاشعة أو عن طريق الأدوية. فوزارة الصحة العامة تتكفل سنوياً بعلاج ما يزيد على 330 مريض بكلفة تبلغ حوالي مليارين ونصف المليار ليرة لبنانية ثمن أدوية فقط. وفي العام 2017 تمت معالجة 436 مريضا بسرطان القولون بتأمين دخولهم إلى المستشفى، وكان عدد مرات الدخول إلى المستشفيات 1253 مرة بكلفة مليار و400 مليون ليرة لبنانية تقريباً. فإذا ما قارنا ثمن الادوية بثمن فحص الكشف المبكر نجد ان معدل ثمن الادوية للمريض الواحد يبلغ 5000 دولار سنوياً مقابل 20$ سنوياً لإجراء الكشف المبكر عن طريق فحص FIT واذا اتبعه تنظير للقولون تصبح الكلفة 300 دولار .
ثالثاً:هو سرطان ممكن الشفاء منه إذا تم اكتشافه في المراحل المبكرة، فإن نسبة الشفاء هي 90% وهي نسبة عالية جداً، كما ان الكشف المبكر يخفف من معاناة المريض والأهل على حد سواء، كما يحد من الكلفة الصحية على الدولة والقطاع الصحي وجيب المواطن. فبذلك يكون الكشف المبكر هو أذكى استثمار ممكن أن يقوم به المواطن لصحته.
لهذه الاسباب تكتسب التوعية من سرطان القولون اهمية خاصة ، لأنه يمكن الوقاية والعلاج والشفاء منه، ولا يمكن لأي مجهود على المستوى الوطني أن ينجح بدون جهود الجميع ، فالجميع مسؤولون ومطالبون بالتعاون والتضامن للحد منه.
ولفت وزير الصحة العامة إلى الطلب من تعاونية موظفي الدولة، والضمان الاجتماعي والطبابة العسكرية والامنية تغطية فحص الكشف المبكر منوهًا بما وجده من تجاوب خصوصا لدى قيادة الجيش والطبابة العسكرية وتعاونية موظفي الدولة لاستعدادهم في مجال التعاون لانجاح هذه الحملة. كما أعلن أن شركة Fuji Film اليابانية قدمت هبة عبر الوزارة الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي، هي كناية عن جهاز متطور لإجراء فحص الكشف المبكر لسرطان القولون، كما قدمت 1000 اختبار (FIT Kits) مجاني الى أول 1000 شخص من غير المضمونين وذلك ضمن الحملة الوطنية للتوعية من سرطان القولون.
وختم الوزير جبق كلمته بالقول: "الوقاية خير من قنطار علاج".
وقائع المؤتمر وكلمة عمار
المؤتمر كان قد بدأ بمقدمة عريفة الإحتفال الإعلامية روزانا رمال، ثم تحدث رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة سرطان القولون الدكتور وليد عمار فلفت إلى أن سرطان القولون والمستقيم يعتبر ثالث أنواع السرطان انتشاراً، وثاني مسبب للوفاة من الأمراض السرطانية في العالم. وفي لبنان، يصاب حوالي 20 من أصل 100,000 شخص بهذا المرض سنوياً. وهو رابع أنواع السرطان الأكثر انتشاراً لدى الرجال بعد سرطان البروستات والرئة والمثانة، والثاني لدى النساء بعد سرطان الثدي. ولقد زاد عدد الحالات الجديدة التي تشخص سنويا من 583 حالة في العام 2005 الى 1093 حالة في العام 2015. وبما ان 80 % من هذه الحالات تشخص في المراحل المتقدمة حيث تنخفض نسبة الشفاء لما دون 12%، اخذت وزارة الصحة العامة المبادرة لإطلاق الحملة الوطنية للتوعية. أضاف الدكتور عمار أن وزارة الصحة العامة تقوم حالياً وبتوجيه من معالي الوزير على وضع استراتيجية وطنية للوقاية من السرطان ومكافحته بالتعاون مع جميع المعنيين، بما في ذلك تقييم الاحتياجات الخاصة لمرضى السرطان. فمكافحة السرطان هو جزء من برنامج الوقاية من الأمراض غير السارية الذي يهدف إلى تعزيز نمط الحياة الصحي من خلال تنظيم حملات توعية وتثقيف على المستوى الوطني بواسطة الاعلام والاعلان ووسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية وبرنامج الصحة المدرسية. ولفت المدير العام لوزارة الصحة العامة إلى أنه من اهم تدابير الوقاية من سرطان القولون: تجنب التدخين، واعتماد عادات غذائية صحية والتقليل من تناول اللحوم الحمراء والدهون، والكحول وتعزيز ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية. وكذلك القيام بالفحوصات اللازمة للكشف المبكر للكتل الحميدة Polyps لإزالتها قبل تحوّلها إلى خلايا سرطانيّة، والتي تسمح ايضاً بتشخيص السرطان في مراحله المبكرة أي في الفترة الأكثر تجاوبًا للعلاج. وفي هذا السبيل تنصح الوزارة بإجراء فحص الخروجFIT test سنوياً ابتداءً من عمر الخمسين، رجالاً ونساءً، وهو متوفر في معظم المختبرات وسيحدثنا الدكتور علاء شرارة اكثر عن اهمية هذا الفحص وماذا تعني النتائج.
شرارة
بدوره تحدث ممثل الجمعية الوطنية للجهاز الهضمي الدكتور علاء شرارة عن أهمية الكشف المبكر عن سرطان القولون مشيرًا إلى أن الإصابات إلى تزايد في لبنان ونسبة الزيادة من عام 2005 إلى عام 2015 تبلغ حوالى أربعين في المئة. وشدد على وجوب العمل على اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة على ان يبدأ المسح وإجراء فحص الـFIT اعتبارا من سن الخمسين لتكون نسبة الشفاء عالية، مذكرًا بوجوب اتباع نظام حياة صحية يعتمد على نوعية الطعام والرياضة والإبتعاد عن شرب الكحول والتدخين.
نمر
بعدها أدلت السيدة هنا نمر بشهادة حية عن تجربتها الخاصة إذ إن زوجها سعيد توفي نتيجة إصابته بمرحلة متقدمة من سرطان القولون وكان يبلغ من العمر سبعة وخمسين عامًا، وكان من الممكن تفادي هذه المأساة لو أن الطبيب طلب من زوجها إجراء فحص الـFIT بالتزامن مع الفحوصات الدورية التي كان يجريها. وقالت إنها تشارك قصتها وحرقتها لتكون رسالة لكل واحد قد بلغ عمر الخمسين وما فوق ألا يتردد في إجراء هذا الفحص الذي سينجيه وينجي عائلته في حال إصابته بالمرض.
إيسيكسي
أما المدير العام لشركة MSD في منطقة الشرق أوكان إيسيكسي فقد أكد أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في التوعية الصحية لافتًا إلى أن هذا التعاون يحقق الإستقرار ويوصل رسالة التوعية المطلوبة إلى أكبر قدر ممكن من الناس.
أبي راشد
وجاء في كلمة نقيب الأطباء وقد تلاها رئيس الجمعية اللبنانية لأطباء الجهاز الهضمي الدكتور أنطوان أبو راشد أن كل الاطباء ومن كافة الاختصاصات معنيون ومولجون بالشأن التوعوي للفرد بدءا من طبيب الاطفال مرورا بطبيب العائلة وصولا الى صاحب الاختصاص المباشر، فعلى كافة أصحاب الاختصاص تقع مسؤولية ارشاد وتوجيه المواطن وهم يحملون صفة الاستشاري الذي يطلب عند الحاجة تدخل طبيب ذات الاختصاص، حيث تكون هذه التدخلات ناجعة في المراحل الاولى وبالتالي تبعد قدر المستطاع عن تفاقم الحالة لاسمح الله، كما تجدر الاشارة بأن في حالات الكشف المبكر وفي اداء الطبيب الجيد والدقيق دورا اساسيا في خفض الفاتورة الصحية التي باتت تشكل عبئا كبيرا على الدولة، حيث انه في الكشف المبكر يكتفي الطبيب بالضروري من الفحوص المخبرية وبالوصفات الطبية الهادفة، وبالتالي يتجنب المريض الوقوع في علاجات لا تنتهي ينوء تحت وزرها صحيا وماديا وتنوء معه الجهات الضامنة الرسمية منها والخاصة. من هنا نلمس مدى أهمية تضافر الجهود بين مختلف القطاعات الصحية وخاصة مع القطاع الاعلامي بكافة وسائله الترويجية من أجل نشر الوعي والتنبيه من المخاطر بطريقة علمية ومبسطة كي تطال جميع فئات المجتمع. وختم الدكتور أبي راشد قائلا: نحن في نقابة أطباء لبنان ومن باب حرصنا على مستوى طبي يليق بسمعة لبنان لن نألو جهدا في المطالبة باقامة نظام رقابي علمي متخصص لضمان أرقى أشكال الممارسة الوقائية والطبية.
واختتم اللقاء بإطلاق فيلم دعائي تثقيفي يشجع على إجراء فحص الكشف المبكر عن سرطان القولون.(للمزيد...)