حاصباني: لنبقِ القطاع الصحي والسقوف المالية بعيداً عن المزايدات الرخيصة والتسييس
رعى نائب رئيس مجلس الوزراء الوزير حاصباني الإفطار السنوي الحادي والعشرين الذي أقامته الجمعية الطبية الإسلامية المشرفة على مستشفى دار الشفاء وجهاز الطوارئ والإغاثة والعيادة المتحركة ومستوصفات ومراكز الإيمان الصحية وصندوق إعالة المرضى في قاعة فندق الكواليتي إن في طرابلس، حيث أكد "أن قانون الإنتخابات صناعة لبنانية مئة في المئة وبالطبع ليس كاملاً لكنه يشكل نقلة نوعية في حسن التمثيل والأداء الديمقراطي، ورأى أنه رغم الخلافات السياسية علينا تحصين المساحات المشتركة فيما بيننا عبر إحترام الدستور وحكم القانون وترسيخ منطق الدولة والمؤسسات. لافتاً الى أن طرابلس دفعت ثمن محاولات أعداء لبنان ضرب هذا النموذج عبر جولات مسلحة على أرضها وإهمال لواقعها المجتمعي، داعياً الجميع للإستثمار بجرأة في القطاع الصحي من أجل خدمة المواطنين وأشاد بخطوة الجمعية الطبية الإسلامية في توسعة مستشفى دار الشفاء.
وحضر الافطار الى المشاركين في وضع حجر الأساس عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب فادي كرم، المهندس نبيل موسى ممثلاً الرئيس فريد مكاري، دكتور جلال حلواني ممثلاً النائب سمير الجسر، سعد الدين فاخوري ممثلاً الوزير السابق أشرف ريفي، خالد الولي ممثلاً رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين، ممثلون عن الصليب الأحمر الدولي، مستشار رئيس حزب "القوات اللبنانية" ايلي خوري ومنسقو "القوات": في طرابلس فادي محفوض، في عكار د. نبيل سركيس، في زغرتا الزاوية فهد جرجس وفي الكورة رشاد نقولا، وحشد من أعضاء الجمعية.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء: "أيها الحضور الكريم، في هذا الشهر الفضيل، شهر الخير والعطاء، نشعر بالأمل والرجاء. فرغم الشر الذي يعصف بمنطقتنا والإجرام الذي يفتك بالإنسان والحروب والدمار، ما زالت هناك مساحات للمحبة والخدمة، وما زال هناك إنسان يضحي في سبيل أخيه الإنسان الفقير والمعوز والمريض والمنسي والمهمش".
وأضاف: "رغم الأخطار التي تهدد مجتمعنا والمشاكل المتشعبة، إلا أن المجتمع اللبناني مجتمع حي، متعاضد، متكاتف يزخر بالجمعيات الأهلية كـ"الجمعية الطبية الإسلامية". ودور هذه الجمعيات أساسي لأنه تكاملي مع دورنا كسلطة رسمية، وفي بعض الأحيان يقوم بمهام قد نعجز عنها في ما يتعلق بالأيتام والعجزة والمرضى وأصحاب الإحتياجات الخاصة وغيرهم. هذا الأمل الإنساني يتزامن مع أمل وطني نعيشه في هذه الأيام يتمثل بالتوصل الى قانون إنتخاب. بالطبع ليس بقانون كامل، فالكمال لله، ولكنه يشكل نقلة نوعية في حسن التمثيل والأداء الديمقراطي. إنه قانون للمرة الأولى صنع في لبنان، لا بل الأصح صناعة لبنانية مئة في المئة. قانون يؤكد وعي جميع الأطراف للمخاطر المحيطة بنا وحرصها على عدم المغامرة بالبلاد والسير نحو المجهول. إنه قانون، وإن تطلب ولادة قيصرية، لكنه يعكس إرادة العيش معاً التي ترجمت عملياً بالتوصل الى مساحات مشتركة، رغم الخلافات السياسية... وعلينا أن نحصّن هذه المساحات المشتركة عبر إحترام الدستور وحكم القانون وترسيخ منطق الدولة والمؤسسات".
وتابع: "مساحتنا المشتركة بتعدديتنا خير دواء شاف لسرطان الشرذمة الذي يفتك بين المجموعات البشرية وللرفض الدموي للآخر. وكما صدرنا الحرف للبشرية نحن مدعوون اليوم لتصدير نموذج العيش معاً. لطالما دفعت طرابلس ثمن محاولات أعداء لبنان ضرب هذا النموذج عبر جولات مسلحة على أرضها، وإهمال لواقعها المجتمعي زاد من حجم الفقر والبؤس فيها. ولكن رغم ذلك تمسكت بمبدأ العيش معا بين مختلف المكونات. لذا علينا أن نحصن هذا الخيار ونشجع الاسثمار فيها، الاستثمار في الانسان أولا ، عبر تعزيز العلم وخلق فرص عمل وتأمين مقومات حياة كريمة وعناية صحية جيدة. من هنا لا يسعني إلا أن أشيد بخطوة مستشفى دار الشفاء التابع للجمعية الطبية الإسلامية المتمثلة بتوسعة المستشفى في أبي سمراء حيث قمت هذا المساء بوضع حجر الأساس للمشروع بكل فخر ومحبة وإعتزاز. وأدعو الجميع الى الإستثمار بجرأة في القطاع الصحي: أولاً لخدمة المواطنين، كافة المواطنين، وثانياً لتفعيل دور لبنان كعاصمة للسياحة الإستشفائية. ونحن نعمل على تأمين حوافز لذلك وخلق مناخ ملائم، عبر بلورة رؤية واضحة وإتخاذ إجراءات تطبيقية تكفل جودة الخدمة الصحية في لبنان وتسهل مواكبتها للتطورات العلمية والتكنولوجية، فيبقى القطاع الصحي ريادي، إحترافي وإنساني في آن معاً".
وختم: "كلما تكلمنا عن موازنات المستشفيات والقطاع الصحي وعن السقوف المالية أتمنى اولاً أن يكون لدولتنا قدرةً أكبر للإستثمار في القطاع الصحي لأنه إستثمار مباشر في الإنسان وبما أن الإنسان ياتي اولاً فهذه هي أولويتنا الكبرى. ولكن إمكانياتنا المحدودة تضع لنا حدودا كبيرة في هذا المجال وبالرغم من ذلك فإن التعاون بين وزارة الصحة والمجتمع الأهلي والجمعيات الخيرية خير مثال على كيف يمكننا النهوض بهذا القطاع وخدمة الإنسان في لبنان، وخير لنا أيضاً أن نبقي هذا القطاع بعيداً عن المزيادات الرخيصة والتسييس بعيداً عن الطائفية وقريباً من كل لبناني بعدل ومحبة ووفاء".
وألقيت كلمات في الافطار الذي استهل بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة تقديم لمحمد إسماعيل رحب فيها بالحضور مشيراً الى أن الجمعية تعمل دائماً لبلسمة الجراح وعدد إنجازات الجمعية من المستشفى الى جهاز الطوارئ ومستوصفات ومراكز الإيمان الصحية. وألقى بعدها محمود السيد كلمة شكر فيها كل الذين ساهموا مع الجمعية في بناء الصروح الطبية قائلاً: عطاءاتكم هي التي أصولتنا الى النجاح والجمعية بمؤسساتها ومراكزها تشكركم وتشكر كل العاملين فيها وتبارك لهم جهودهم في تقديم الخدمة الطبية والرعاية الصحية بنكهة إنسانية.
وتابع: نجحنا بفضل الله وتعاون الجميع في تحقيق الأهداف وبالتعاون مع وزارة الصحة رغم كل الظروف التي يمر بها لبنان وفي ظل الأزمة التي نعيشها وفي ظل النزوح السوري كان لا بد لنا من التفكير في توسعة دار الشفا ونسأل الله أن يبارك الجهود التي نقوم بها بمساعدة معالي الوزير. خاتماً آمل أن تستظل الجمعية دائماً بشفافية ومناقبية وإنسانية معالي الوزير حاصباني".
وبعد فيلم وثائقي عن تأسيس الجمعية ألقى أمين عام الجماعة الإسلامية عزام الأيوبي كلمة قال فيها: "في لقاء يتجلى فيه شهر الخير شهر رمضان شهر يجمع كل الخير بين جنباته نجتمع في لقاء شهد قبيل أن يبدأ وضع مدماك جديد في بناء المجتمع كان حجر أساس لمبنى إضافي سيوضع في خدمة المجتمع اللنباني في منطقة طرابلس والشمال".
وأضاف: "أيها الإخوة والأخوات، لبنان يحتاج الى هذه الجهود واكثر، لبنان الذي عشنا فيه ونريد ان يعيش أبناؤنا فيه يحتاج الى عمليات بناء متتالية في شتى مناح الحياة المدنية والسياسية ولأنني أمثل طرفاً سياسياً لا أستطيع في هذا اللقاء إلا أن أغير الجو قليلاً من العمل الإجتماعي والإغاثي قليلاً الى الجانب السياسي. فبالأمس أيضاً شهدنا حجر أساس نرجو أن يكون مدماك خير وبناء لصالح هذا البلد، إقرار قانون إنتخابات جديد يفترض أن يجاز غداً من المجلس النيابي، دعوني أقول وبكل صراحة قد يكون ما جرى بالأمس هو أفضل الموجود لكن لا نستطيع عندما نخاطب أهلنا وجمهورنا إلا أن نقول لهم ما نراه حقيقةً وما نعتقد جازمين انه الرؤية التي نحلل فيها ما يجري على أرض وطننا. أولاً إقرار قانون بحد ذاته لا يعني إجراء الإنتخابات وهذا يمثل هاجساً سنبقى ندندن حوله من اليوم الى أن تجري الإنتخابات في شهر أيار القادم لأننا وللأسف الشديد على مدى أكثر من أربع سنوات ماضية لم تحصل الإنتخابات تحت حجج متعددة بالرغم من وجود قانون إنتخابات، ويمكن أن تخرج لنا في أي يوم من أيام الأحد عشر شهراً القادمة فنضعه جانباً كي لا أريد أن أنغص على اللبنانيين فرحة القانون لكن منذ العام 2009 كانت مهمة الحكومات المتعاقبة أن تنجز هذا القانون. ثانياً لبنان كان يتطلع ويرنو نحو قانون حديث، وعندما نقول قانون حديث تتبادر النسبية الى الأذهان مع أن النسبية ليست بالضرورة هي الحداثة فالقوانين التي ترعى الإنتخابات في الدول التي رسخت فيها الديمقراطية ليست جميعها على أساس النسبية ولكن بغض النظر عن هذا الموضوع أو ذاك هناك ثغرات حقيقية وكبيرة مشكلتنا معها أنها تنم عن عقلية ما زالت تحاول أن تمسك بتلابيب الدولة وكل ما تمثل. فهذا القانون على الرغم من أنه جاء بعد كل هذه المعاناة إلا أنه بنظرنا لم يحقق نقلة نوعية حقيقية للحياة السياسية اللبنانية فهو ما زال أولاً يعبر عن حالة طائفية ودعوني أكون صريحاً وقبل أن أكمل ليس من العادة أن نتكلم طائفياً وأنا على وجه التحديد أعتبر نفسي أكثر ما أكون بعيداً عن الطائفية التي أمقتها ومقتي لهذه الطائفية دفعني بعد أن أنهيت الماجستير في الشريعة الإسلامية أن ألتحق في مركز الدراسات المسيحية الإسلامية في جامعة البلمند وكان جل أساتذتي وزملائي من المطارنة والآباء الكرام وكان جو على مدى ثلاث سنوات مميزاً لست معتاداً إذاً على الكلام الطائفي لكن قانوننا الذي أقر بشكل أو بآخر نكهة الطائفية فيه كبيرة وكبيرة جداً وهي بالدرجحة الأولى تخدم الطوائف الكبرى في لبنان وأنا إبن واحدة منها.
وأردف: أيها السادة، هذا القانون لم يصحح التمثيل بشكل حقيقي لأن صحة التمثيل بنظرنا لا تقوم إلا من خلال قيام مجتمع يحترم كل أبنائه وفق طاقاتهم التي يختزنونها والتي يفترض بها أن تمثل مداميك بناء المجتمع وإلا لماذا في لبنان دوناً عن معظم دول العالم ثلاثة أرباع هذا الشعب يعيش خارج أسوار الوطن لماذا أبناء بلدنا ممن يحملون الطاقات الكبيرة جداً يتوجهخون في بلدان العالم في بلدان الإغتراب شرقاً وغرباً في كل قارات العالم يتبؤون أعلى المواقع والمناصب سواء كانت هذه المواقع سياسية أو إقتصادية أو إدارية ويبرعون لأنهم هناك يقدمون بصفتهم مواطنين وليس لإنتمائهم الطائفي أو المذهبي.
الطوائف الكبرى ما زالت تمسك شكلاً بزمام البلد وأنا أقول انه من خلف شعار هذه الطوائف هناك زعامات أو فئات أو حتى أشخاصاً يحاولون ان يمسكوا بهذه المواقع وبزمام مواقع النفوذ تحديداً لذلك نعتبر أن هذا القانون ناقص.
وتابع: أيها الإخوة الأحبة بعض القوى النافذة في هذا البلد لا مشكلة عندها أن يكون الشباب في سن الـ18 على جبهات القتال يقدمون دماءهم في سبيل مشاريع هذه الفئات لكن عندما تصل القضية الى أن يكون إبن الـ18 من يصوت في الإنتخابات تسقط إعتبارات الشباب ويصبح هذا الشاب قاصراً. وعن الكوتا النسائية قلنا أننا مع دخول المرأة الى كل المواقع ونيلها كل المراكز بكفاءتها. المشوار ما زال طويلاً مشوار بناء الدولة سيكون محفوفاً بالكثير من المتاعب والمخاطر لأن من يمسكون بهذا البلد لا يريدون قيام الدولة.
وختم: نأمل أن يكون ما جرى يوم أمس خطوة بإتجاه البناء الصحيح لكننا لن نسقط الهواجس إلا حين يقترن القول بالفعل ونحن بحاجة لتعاون الجميع من أجل تجاوز مرحلة الخطر التي تعيشها منطقتنا ونسأل الله أن يجنبنا إياه من خلال تعالينا عن الأنانية.