أطلق وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور السجل الصحي الجديد وكتيّب الإرشادات للعناية بصحة الطفل في حفل أقيم في قاعة الإجتماعات في الجامعة اللبنانية في المتحف وحضره السيد أليكسيس لوبير عن الإتحاد الأوروبي، والدكتورة إليسار راضي عن منظمة الصحة العالمية ورئيس الجمعية اللبنانية لطب الأطفال الدكتور برنار جرباقة والمدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار وحشد من الخبراء وممثلي الجمعيات الأهلية والنقابات. ومن المفترض البدء باستعمال هذا السجل للمواليد الجدد، وسيوزع هذا السجل إضافة إلى كتيب الإرشادات في المستشفيات ودور التوليد كافة في لبنان. ويعتبر السجل الصحي الجديد نقلة نوعية بعدما قامت وزارة الصحة اللبنانية بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لطب الأطفال وبدعم من منظمة الصحة العالمية بمراجعة السجل الصحي وتحديثه وإنتاج كتيّب إرشادات للعناية بصحة الطفل.
وقائع الحفل
بداية كلمة ترحيب وتعريف بالسجل الصحي الجديد ألقتها السيدة باميلا زغيب منصور رئيسة دائرة الأم والطفل في وزارة الصحة، فأوضحت أن هذا العمل يأتي في إطار مشروع دعم مؤسسي ومجتمعي يموله الإتحاد الأوروبي بقيمة عشرين مليون يورو وتنفذه منظمة الصحة العالمية. أضافت أن بعد مرور حوالى عشرين سنة على استعمال السجل الصحي الذي كان قد صدر في العام 1996، إرتأت وزارة الصحة تحديثه ليتلاءم مع التطورات الطبية وحاجات المستخدم.
بعدها عرضت عضو الجمعية اللبنانية لطب الأطفال الدكتور حنان المصري لتقسيمات السجل الصحي. وأوضحت أن السجل الصحي يسمح للطبيب بتسجيل وحفظ معلومات متعلقة بصحة الطفل ونموه الجسدي والعقلي وبالأمراض والإصابات التي قد يعاني منها. ولفتت إلى أن ملفات وفحوصات مهمة قد أضيفت إلى السجل الصحي مثل فحص السمع المبكر، ولائحة بمواضيع التطور الذهني والعصبي لكل مرحلة عمرية، وملف معاينات طبيب الأسنان، وملف الحساسيات وردات الفعل على الأدوية واللقاحات، وملف المعاينات الطارئة (كإضافة لملف المعاينات الدورية). كما تمت إضافة إرشادات صحية أساسية لكل مرحلة عمرية. وقالت الدكتورة المصري إلى أنه كتيّب الإرشادات للعناية بصحة الطفل أرفق بالسجل الصحي، لكي يحتفظ به الأهل للإطلاع على الإرشادات الصحية الأساسية لكل مرحلة عمرية. وهو يحتوي على على معلومات مهمة جدا حول الإهتمام بالطفل والاعتناء بصحته منذ الولادة حتى المراهقة.
بدوره لفت الدكتور جرباقة إلى أن الجمعية اللبنانية لطب الأطفال مجندة للدفاع عن الحقوق الصحية للطفل، مضيفا أن السجل الصحي واحد من هذه الحقوق، طالبًا من كل الأطباء الالتزام بالسجل وتعبئته. وشدد على أن الجمعية ستبقى شريكًا لوزارة الصحة في كل ما يتعلق بحماية الأطفال على الصعيد الصحي.
ثم ألقت الدكتورة إليسار راضي كلمة منظمة الصحة العالمية مشيرة إلى أن لبنان كان سباقا في إنتاج السجل الصحي الذي تم تنقيحه ثلاث مرات خلال العقدين الأخيرين، ويأتي تطويره الآن بما يتناسب مع التطورات الطبية وحاجات المستخدم. ونوهت بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص التي يتميز فيها لبنان بين بلدان المنطقة وتأتي بالنتائج الممتازة. وأكدت راضي التزام منظمة الصحة العالمية تقديم الدعم لما هو خير اللبنانيين وصحتهم.
كذلك أكد لوبير استمرار دعم الإتحاد الأوروبي للبنان خصوصا أن هذا البلد يستقبل أعدادًا هائلة من النازحين السوريين ويحتاج إلى الكثير من المساعدة.
أبو فاعور
ختامًا ألقى وزير الصحة العامة كلمته فاستهلها بتقديم الشكر إلى كل الشركاء بدءًا من منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي وجمعية أطباء الأطفال وفريق عمل وزارة الصحة. وقال: لسنا كدولة على ما يرام، ولا كوطن ومجتمع على ما يرام. إن فينا ما فينا من العثرات والنكبات والأزمات التي تجعلنا في كثير من الأحيان غير مستحقين لقب الدولة. رغم ذلك، يصر بعض الكفاءات في الوزارات على تقديم نماذج تؤكد أن هذا البلد لا يزال قابلا للحياة والإستمرار.
وأبدى أبو فاعور اعتقاده بأن بعض الإنجازات في عدد من الوزارات يجب أن يحث عقول المسؤولين على استنباط ما يعزز المواطنين وإعطاء الدولة مفهومها الفعلي وقيمتها الفعلية عندما تنصرف إلى خدمة المواطن.
وقال: طبعًا في غمرة ما يجري حولنا في المنطقة، قد يبدو السجل الصحي للطفل موضوعا هامشيا وجانبيًا ولكنه أمر أساسي جدا وضروري بالنسبة إلينا في وزارة الصحة من منطلق مسؤولياتنا وواجباتنا. فما الذي يمكن أن يتقدم على سلامة الطفل لدى أي مسؤول؟ طبعًا هناك هواجس أخرى ولكن هذا الموضوع لا يحتمل أن يتم التعاطي معه بطريقة ثانوية، لذا كان الجهد في الوزارة لإنجاز هذا الأمر.
وتابع الوزير أبو فاعور ملاحظًا أن لبنان حافظ تاريخيًا على مستويات جيدة في موضوع الرعاية الصحية ولديه ما يفخر به في مجال سلامة الأطفال وسلامة الصحة بشكل عام، وتم إنجاز الكثير من التراكمات الإيجابية التي يجب الحفاظ عليها في المستقبل. وقد حقق لبنان عبر برامج الرعاية الصحية معدلات إيجابية، حيث تم خفض معدلات الوفيات عند الأطفال دون سن السنة بحدود سبعة بالألف، ولحدود تسعة بالألف للأطفال ما دون الخمس سنوات؛ وبفعل التراكم التاريخي لجهود وزارة الصحة على مدى كل السنوات السابقة، تمكن لبنان من خفض معدلات وفيات السيدات الحوامل أثناء الولادة إلى حدود 18 من أصل مئة ألف ولادة حية. ورأى أبو فاعور أن هذه عبرًا مضيئة وليست مجرد أرقام ويجب المحافظة عليها بالمواكبة الدائمة.
وذكر أنه في العام ستة وتسعين تم تحديث السجل الصحي، واليوم هناك نموذج جديد بإضافة أقسام جديدة ما يساعد على أن تكون الرعاية الصحية الأولية للطفل أكثر تقدمًا وهذا أمر إيجابي جدا، والطموح أن نستمر بهذه المواكبة فلا تأخذنا خلافات أو نزاعات أو طوارئ سياسية عن الجهد الذي نقوم به في وزارة الصحة والذي لا يقوم به الوزراء، فالوزراء يأتون ويذهبون. أضاف أن الوزير يأتي محملا بقضّه وقضيضه من السياسات والاعتبارات الخاصة، فيما الإدارة تستمر وتراكم. لذا هذه واحدة من الأمثلة التي تدفع إلى التذكير مجددا بضرورة وقف الخطأ الذي يتم ارتكابه منذ الطائف وحتى اليوم وهو اجتياح السياسة للإدارة. وكرر أن الوزراء يأتون ويذهبون بينما الادارة تبقى ادارة، والاعتماد الاساسي على الادارات التي تستمر بعملها الدؤوب الصامت في الإنجازات كما هذا الانجاز.
اللقاحات
وتناول وزير الصحة العامة مسألة اللقاحات حيث ترد شكاوى ومراجعات من الأهالي إلى وزارة الصحة مفادها أن اللقاحات غير متوفرة. وأكد أن كل اللقاحات من دون استثناء موجودة في مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لوزارة الصحة. ولكن النقص هو في القطاع الخاص الذي يؤمن أربعين في المئة من عملية التلقيح؛ وسبب ذلك عوامل خارجية والذرائع التي تساق أن لبنان سوق صغير.
وأعلن أبو فاعور عن اجتماع سيعقده في العاشرة من صباح غد مع شركات الأدوية، مضيفا أنه إذا كانت المبررات موضوعية وأوضاع تفرض نفسها على الشركات، فسنرى كيف نجد حلا لها، ولكن إذا كانت هناك ذرائع تدخل في باب الجشع والرغبة في الربح المادي، فنحن دولة لا يزال فيها حتى اللحظة قانون وقضاء وإجراءات. فإذا تم التأكد من وجود زوايا مظلمة فلن يكون من فيصل إلا القضاء، وليس مسموحا لأي شركة في لبنان تحت أي عنوان أن ترهن صحة طفل لطموحاتها المادية.
وأمل وزير الصحة العامة الوصول إلى خلاصات إيجابية في هذه المسألة مؤكدا إيجابية وزارة الصحة، إنما بعصا القانون. وانتقد مقولة سوق الدواء، مؤكدا أن الدواء ليس سوقا، وهذا قول معيب. ومن يريد أن يتاجر، فليتاجر بشيء آخر.